حنان شومان

من مناديل الورق لحمدين وبينهما المكارثية

الجمعة، 06 فبراير 2015 04:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
1 - لم يعد هناك من شىء يقيم أغلبنا له وزنًا أو قيمة، فلا سن ولا تاريخ ولا معنى ولا ذكرى صار لها لدى القاصى والدانى أدنى حد من القدسية أو التقييم الذى يجب أن يكون، فكل شىء أصبح مثارًا للسخرية بزعم أننا شعب دمه خفيف، والحقيقة أن الأمر بعيد تمامًا عن خفة الدم، لكنه أقرب لخفة الأخلاق منه لخفة الدم، فأذكر ما كتبت يوم أن سخر باسم يوسف من نشيد عزيز على قلوبنا وذكرياتنا «وطنى حبيبى»، أن هذا ليس سخرية، لكنه قلة موهبة، وسطو على حقوق إبداع لبشر، وتحويله لمسخرة، وهذا ثقل ظل وقلة أدب، وها أنا ثانية وثالثة وللمرة المائة أقول نفس الأمر لأصحاب الإعلانات التى صارت تجول وتصول فى كل قيمة نمتلكها دون حسيب أو رقيب، فشركة مناديل ورق مؤخرًا سرقت مشهدًا من واحد من أجمل مشاهد السينما المصرية، وهو فيلم «الأرض» لتحوله إلى إعلان سخيف سقيم، دون خجل من سرقة، أو حتى خجل من «مرمطة» السينما القيمة، وتحويلها لإعلان عن مناديل ورقية، والأعجب أنه لا أحد يتحرك لهذه الجريمة، ولا قانون يعاقب، وهكذا لن تبقى لأجيال جديدة من شىء يرون فيه قيمة، فكل شىء تحت اسم السخرية وخفة الدم مباح!

2 - منذ عامين أو يزيد كتبت مقالاً يحذر من المكارثية التى انتشرت فى أمريكا أبان الحرب الباردة، والجنون الذى أصاب شعبها ومؤسساتها خوفاً من الشيوعية، وقلت حينها احذروا، فحين تسيطر هذه الحالة فلا صوت لعقل سنسمعه، وإنها حالة معدية كالوباء، وها أنا أعترف أن الفيروس المكارثى يزورنى أحيانًا، أنا التى حذرت منه، فمن فرط خوفى على مستقبلى وأبنائى، وعلى مصر التى ليس لنا وطن سواها، ومن فرط خوفى على جيش هذا البلد الذى نمسك جميعًا بأهدابه لكى نظل معًا ويظل لنا وطن، ومن فرط تمسكى بوجود شرطة أتمنى أن تحمينى فى الداخل، وتصحح أخطاءها، من فرط كل هذا وأكثر أضبط نفسى كآخرين كثر نتحول إلى مكارثيين بامتياز، ولكنى أعود بين الحين والآخر لأذكر نفسى بأن هذا فيروس جنون، وعلىّ أن أفيق، وأحاول أن أكون موضوعية، فهل هناك من أحد يمرض مثلى، ويدرك المرض، ويحاول إيقافه، أم أن الفيروس قد تمكن تمامًا من أغلبنا، ولله الأمر من قبل ومن بعد فهو الشافى؟!

3 - ظهر حمدين صباحى، المرشح الرئاسى الخاسر فى الانتخابات الرئاسية السابقة، فى جلسة علنية جمعت كثيرًا من أطياف الأمة بعد الحادث الإرهابى الأخير الذى حصد أرواحًا غالية على كل مصرى، وخطب فيها السيسى خطابًا للأمة وقواتها المسلحة، ولاقى وجود صباحى بعضًا من المواقف الإيجابية لدى البعض، مثل الرئيس نفسه الذى وجه له دعابة بأن ربنا رحمه من المسؤولية، كما لاقى كثيرًا من الهجوم من بعض مؤيديه السابقين، وكارهى السيسى بدعوى أنه كيف يتواجد حمدين مع الجيش والشرطة فى مكان واحد، ووصل ببعضهم أن ينعته بالخيانة لمبادئه وللشهداء وأنه منافق. وعلى الطرف الآخر جاء بعض من مؤيدى السيسى بنفس الهجوم عليه، بمنطق أنت أساسًا كنت ضدنا إيه اللى جابك معانا؟! وما أعجب الفريقين ومنطقهما، فلا هؤلاء ولا هؤلاء صار لهم منطق إلا الجنون، حين رشح حمدين نفسه للرئاسة ونال هجومًا كثيرًا كتبت أحييه على موقفه الوطنى المشرف، وحين غاب عن المشهد كتبت أهاجمه لأن الغياب والانسحاب ضعف أربأ به أن يناله، لكن ظهوره فى هذا الحدث الجلل الذى يمر بالأمة موقف محترم، يؤكد أننا جميعًا بغض النظر عن انتماءاتنا الفكرية أو الحزبية أو العقائدية لابد أن نجتمع تحت لواء المصير الواحد ضد إرهاب يريد فناءنا.. ظهور حمدين كان رسالة قوية لها معنى، أما بالنسبة لمن مست عقولهم المكارثية، بغض النظر عن اختلاف اتجاهاتهم، فأعمتهم عن المنطق السليم، وأصمّت عقولهم عن التفكير، فلهؤلاء يا سادة مهما تكونوا فالرجل ظهر فى جمع يضم كل أطياف الأمة فى رسالة لها مغزى، ولو كان غاب عن المشهد ما كان له أن يُقبل منه بعد ذلك كلمة معارضة أو تأييد، نحن لسنا فى انتخابات ولا ماتش كورة أهلى وزمالك، نحن فى لحظة أزمة حقيقية تهدد الأخضر واليابس، وبقاءنا جميعًا، موالاة ومعارضة، لذا فظهور صباحى ظهور فى مكانه وتوقيته، وعلى المعترضين أن يأتوا على الجنب شوية ويرحمونا من تحليلاتهم.

أما بالنسبة لى فصباحى يمشى معى على سطر ويترك سطرًا، وكم أقدره لأنه لم يترك هذا السطر.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة