«يروج الكذب فى موسم الانتخابات. والأسبوع الأول من الزواج»، مقولة الزعيم البريطانى ونستون تشرشل كاعتراف منه بأن السياسة ليست لعبة قوال الحقيقة، وهناك قصة شائعة فى أوروبا عن فلاح وقع أمامه حادث انقلاب حافلة تحمل نوابا فى البرلمان، وجاء المحقق فقال الفلاح إنه دفن النواب جميعا، فسأله المحقق: هل تأكدت أنهم ماتوا بالفعل؟. فرد الفلاح: بعضهم قال إنه حى لكن من يصدق السياسيين؟. النكتة طبعا واضحة. نتذكرها وغيرها ونحن فى موسم انتخابات وأعلنت وزارة الصحة عن تنفيذ قرار اللجنة العليا للانتخابات بتوقيع الكشف الطبى على المرشحين لمجلس النواب، وقبلها على المرشحين للمحافظين، وتم تحديد مجموعة من الأمراض العضوية والعقلية الخطيرة التى تمنع الترشح، التى تؤدى لعجز كلى أو غيبوبة فضلا عن الجنون المؤكد. وقد ثار الجدل حول قانونية توقيع الكشف على المرشحين، واعترضت بعض الأحزاب والسياسيين وقالت إن الكشف الطبى مهين للمرشحين.
لكن الحقيقة أن الحالة الصحية والعقلية للمرشح تحدد قدرته على العمل، لكن الأهم منها هو حالة «الذمة المالية» حتى لا يتسرب للبرلمان فاسدون أو متورطون فى فساد من أى نوع. يضاف إلى ذلك اختبار لم تقرره اللجنة العليا ولا غيرها، وهو اختبار الكذب، والفشر، حيث جرت العادة على أن المرشحين يفرطون فى تقديم الوعود للناخبين، ويمارسون حالة من الوله والحب والتقرب من الناخب، «يبوسون» يديه ورجليه أثناء الترشح، وما أن يفوز النائب حتى يختفى ويتعامل مع ناخبه كأجرب غير مرغوب فيه، بل وربما أبلغ عنه السلطات ليتخلص منه.
لم يصل العلم حتى الآن إلى طريقة تكشف الكذاب من الصادق، وهناك حقيقة أنه لا يوجد سياسى يقول الحقيقة، وهو أمر يعرفه الناخبون المحترفون، ممن اعتادوا أن يحصلوا على كل مطالبهم مباشرة أثناء الحملات الانتخابية لعلمهم بأنهم لن يروا المرشح مرة أخرى إلا فى الانتخابات التالية. خاصة أن هناك شبه إجماع على أن المال يلعب دورا فى الانتخابات وأن «المرشح اللى مامعهوش مايلزموش»، ولم تنته ظاهرة شراء الأصوات، أو الرشاوى الانتخابية من الحزب الوطنى للإخوان ولا تزال القواعد هى نفسها، وارد أن يستخدم الزيت والسكر والمال مباشرة وبلا أى تفاعل. وليس هناك طريقة لكشف هذه الأمور التى تتم بتراضى الأطراف ويصعب إثباتها. ونفس الأمر فيما يخص الكشف الطبى، لا يوجد حتى الآن كشف عن الكذب السياسى، ولو حدث وتم عرض المرشحين على جهاز كشف الكذب، ربما لن يكون هناك إمكانية لترشح عشرة أعشار المرشحين.