يستحق رد فعل الملك عبد الله الثانى، ملك الأردن، على حرق تنظيم "داعش" الإرهابى للطيار الأردنى معاذ الكساسبة جائزة أوسكار أحسن رد فعل لعام 2015، الذى لم يمض منه سوى شهر واحد فقط، فمنذ أن أعلن المخبول فى عقله أبو بكر البغدادى قيام دولة الخلافة الإسلامية وانتعش الإرهاب فى المنطقة العربية واكتوت بناره شعوب العراق الغالية وسوريا الحبيبة وليبيا واليمن ومصر أيضا لم يحدث أن جاء الرد عليه من حاكم مثلما جاء من الملك عبد الله الثانى، جميعنا نملك نفس العيون، لكن ليس جميعنا نملك نفس النظرة، ونظرة الملك عبد الله للإرهاب الجبان كانت الأقوى والأجمل والأكثر حزمًا وتأثيرًا، يا ليت كل حاكم مازال مترددًا و"غرقان فى شبر مية" أن يأخذ عين الملك عبد الله الثانى ليرى بها ما لابد أن يراه ولتُصحح أمامه الصورة كما ينبغى أن يكون، بعد حرق معاذ الكساسبة بساعتين فقط خرج الملك للأمة الأردنية فى خطاب مقتضب جدا نعاه فيه وأكد أن الرد على تلك الواقعة سيكون قاسيًا جدا ثم انصرف، بعدها بأقل من ساعة أصدر مرسومًا ملكيًا بإعدام عميلة داعش المدعوة ساجدة الريشاوى ومعاونها زياد الكربولى، وهى المرأة التى كان قيادات الإرهاب والفجور يتفاوضون على رجوعها مقابل رجوع الكساسبة، جاء إعدامهما فى إشارة منه إلى أن العين بالعين والسن بالسن والبادى أظلم وأن أى فعل لن يمر بدون رد فعل أكبر منه فى المقدار وأعنف منه فى الاتجاه وأنه لن يترك عناصرهم أحياء يأكلون ويشربون فى السجون و"يتفسحوا" فى ساحات المحاكم سنوات بين النقض والاستئناف فى حين أن ضحاياهم المتحللين فى المقابر يصرخون قهرا من تأخر القصاص لهم.
وبعد ساعات قليلة أخرى تناقلت وكالات الأنباء العالمية أن القوات الكردية فى الأردن تحرق أسرى الدواعش أحياء ردا على حرق الكساسبة، طبعا الإعدام حرقا فى حد ذاته أمر يشيب له الجنين فى بطن أمه وغير مقبول من الجانبين أصلا لكن أنا هنا أتحدث عن شفاء صدور عليلة بإرهاب فاجر لا يعرف الدين ولا الرحمة، أتحدث عن رد فعل حازم لا تباطؤ فيه ولا أنصاف حلول، فى اليوم التالى خلع الملك عبد الله بدلته الرسمية ولبس البدلة العسكرية ليشارك بنفسه فى طلعات جوية تدك معاقل الدواعش دكا فى رسالة منه أن مواجهة الإرهاب لا تحتاج إلى تفويض ولا مليونية ولا إمضاء ولا بصمة الإبهام من الشعب لتحدث، تناقلت وكالات الأنباء هذا أيضا، وتناقلت أيضا تأكيده على قسوة مفرطة سيتعامل بها مع أى شخص تسول له نفسه أن يعيد ما حدث مرة أخرى، أعتقد أنه هنا علينا جميعا أن نتوقف أمام هذا كثيرا لنتأمل، نتأمل حجم الشحنة المعنوية التى ضخها الملك عبد الله فى نفوس شعبه الحزين بفاجعة إعدام الكساسبة، نتأمل كيف جاء الرد على إعدام ابن واحد من أبناء الوطن، أكرر- واحد فقط- وليس 35 فى سيناء و24 فى كرم القواديس و16 صائمًا ساعة أذان المغرب وكثيييييييييير جدا لا تتسع سطورى للكلام عنهم..
نتأمل دولا كثيرة استخدمت "المارشدير" ورجعت للوراء بعد أن ذبحت "داعش" فردا أو اثنين من مواطنيها وكيف كان لذلك عظيم الأثر فى استفحال هذا التنظيم الفاجر، ولو قارنا نظرة عين الملك عبد الله الثانى لإعدام الكساسبة مثلا بنظرة العين اليابانية التى علقت مشاركتها فى تحالف ضرب داعش بعد ذبح الصحفى اليابانى الرهينة، ولو قارناها عموما بنظرة عين أى دولة خافت وتراجعت خطوات للوارء خوفا من ذبح داعش لمواطنيها، أو قارنها مثلا ببطء السلحفاة الذى تسير به طرق مواجهة الإرهاب فى مصرنا الحبيبة سنجد أن نظرة الملك عبد الله تستحق هى فعلا الأجمل والأصوب والأقوى.. سدد الله خطاه وأتمنى أن يوفقنا لله لمثل هذا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة