الأصل أن مصر كلها بأجهزتها ورجال أعمالها فى انتظار قانون الاستثمار الموحد، خاصة أن أياما قليلة تفصلنا عن مؤتمر مارس الاقتصادى، والأصل أن يخرج القانون بلا عوار دستورى بعد كارثتى قانونى تقسيم الدوائر ومجلس النواب، والأصل أن الحكومة أعلنت قبل أيام أن القانون ينتظر فقط تصديق رئيس الجمهورية باعتباره صاحب السلطة التشريعية فى غياب البرلمان، ولكن الواقع يكشف مأساة ويضرب جرس الإنذار عن كارثة تشريعية جديدة مهددة بلا شك بالبطلان.
لجنة الإصلاح التشريعى هى اللجنة الموكل إليها إعداد قانون الاستثمار، واشتغلت لأسابيع طويلة، وكانت وسائل الإعلام تتابع يوميا التطورات الجديدة بالانتهاء من المشروع وعرضه على مجلس الوزراء، ومنذ أن وصل مجلس الوزراء حتى تصاعد صوت اقتراب ميعاد الإصدار الرسمى للقانون، غير أن المفاجأة أن القانون الذى كانت تطالب به وزارة الاستثمار وروجت له باسم القانون الموحد ليس هو القانون النهائى الذى وصل مجلس الوزراء، لأن خلافات وقعت فى وجهات النظر بين وزارة الاستثمار ولجنة الإصلاح التشريعى، ترتب عليها تعطيل، بل إيقاف، المشروع الأولى للقانون، والبدء فى مشروع جديد للاستثمار الموحد هو بالأساس تعديلات على عدد من المواد فى 6 قوانين استثمارية سابقة، أبرزها قانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم 8 لسنة 1997، وليس قانونا جديدا.
الغريب أن التعديلات الجديدة على القوانين هى أقرب لكوكتيل تشريعى استثمارى، وليس لقانون استثمارى متميز كما كنا نرغب فى البداية، كما روجنا له فى الخارج، وكما صدعتنا الحكومة، وأنا هنا لا أتحامل على التعديلات الجديدة، ولكن أتحدث من واقع ملاحظات شدد عليها قسم التشريع بمجلس الدولة عن التعديلات الجديدة تتعلق بعدم حسم القضايا الاستثمارية الخلافية أبرزها تخصيص الأراضى وصلاحية رئيس الوزراء، بإضافة مجالات استثمارية جديدة للقانون من عدمه، ومنح التراخيص وفكرة الشباك الواحد والإجراءات الروتينية المعيقة للاستثمار.
النتيجة النهائية أننا وصلنا إلى توقيت حرج قبل 72 ساعة من المؤتمر الاقتصادى، ولم يصدر بعد قانون الاستثمار الموحد المفترض أنه بداية بيئة تشريعية جديدة لجذب الاستثمار، والواقع يؤكد أننا فشلنا فى إصدار قانون جديد يخدم المستثمرين بحق، فما كان لنا إلا طريق قديم لإصدار القوانين، هو طريق «الترقيع القانونى»، بما يعنى إجراء تعديلات نوعية فى عدة قوانين «على المقاس»، مهما كانت العيوب، ومهما كانت شبهة عدم الدستورية، فقط، لكى ندخل المؤتمر الاقتصادى ونحن نتباهى بقانون يجذب المستثمرين. فهل هذا يجوز فى حق دولة كبيرة بحجم مصر وهى تنظم مؤتمرا كبيرا بقدر مؤتمر مارس؟!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة