صراع غير مفهوم بين زوجة رجل أعمال ماكر وراقصة شهيرة، تزامن معه اصطحاب محافظ لزوجته فى اجتماعات رسمية، بينما تخرج راقصة سابقة لسانها لكل لاعبى السياسة فى مصر، وهى تتغنى بترشحها فى الانتخابات البرلمانية، بينما يستل هؤلاء ألسنتهم على إعلامية لم تكن فى دائرة الاهتمام لولا رعونة هؤلاء الذين طالبوا بترحيلها من مصر، بحجة تدخلها فيما لا يعنيها من شئون البلاد..!، أى عبث نحتاج أكثر من هذا ليتصور الناس أن مصر التى كانوا يريدونها بعد ثورتين يتحكم فى مزاجها كيد النساء، فترقص السياسة عارية الخصر على دق الطبول، وتسرى المواقف والقرارات والمعارك ممزوجة بالغيرة والردح بين غرف النوم وقاعات الاجتماع الرسمية.
خلافا لما هو متفق عليه، فإنه ليس بالضرورة أن تقف كل امرأة خلف رجل عظيم، فبعضهن تفضل أن يتخلى التاريخ عن غطرسته الذكورية ويفرد صفحات منه للائى قهرن الرجال وعبثن بالرجال، وكن فى كثير من الأحوال هن مصارع الرجال، وللإنصاف فإن التاريخ بكل عنفوانه وثقله لا يتجاهل النساء بقدر ما يخشاهن وينظر إليهن بعين الحذر، فهن يتخذن القرارات دون أى قدر من تحمل مسؤولية العواقب، كان لشاعرنا عبد الرحمن الأبنودى - أمده الله بالصحة والعافية - إسقاطا موفقا فى هذا الشأن، حينما تحدث عن مقولة خالدة للرجال الصارمين أصحاب الشوارب، حينما يلتبس عليهم قرار «فيشاور الجماعة».
حقا هو ضحك كالبكا.. لا أدرى بالضبط من الذى سيربح فى هذه المعارك الوهمية التافهة؟.. الحقيقة أنه من الصعب تحديد المسئول عن هذا العبث، ولا تستطيع أن تسأل شخصا دون أن يحيلك إلى مبررات غامضة، بعضها صحيح للأسف، مثل التعليم والإعلام والفقر والتطرف والجهل وتراجع الأخلاق وتفكك المجتمع، لكن ما يحير حقا أن المرأة هى الخاسر الوحيد من هذا التهافت العبثى من المثيرات للجدل على الظهور والشهرة، الوطن أيضا خسارته فادحة، ليس لأنه يترك واجهته ملوثة بمثل هذه الحماقات فى الفن والسياسة والمال حتى فى المجتمع الذى أصبحت جرائم الشرف فيه أكثر مما يتحمله الشرف نفسه، لكن لأن من على رأس السلطة مازالوا يقتنعون أن الصراعات الصغيرة تلهى الناس عن همومهم الكبرى، بعد قليل ستصبح هذه الصراعات هى مشكلة النظام الكبرى، فلا أحد يتوقع متى سيصاب الناس بالملل من التفاهات.