من السهل جداً أن تكون خفيف الظل وتحب القلش، الكلمة والفعل الذى انتشر بين المصريين كسريان النار فى الهشيم، فالقلش صار حالة مجتمعية روح القطيع فيها تسود، وقد ساعد على زيادة روح القلش بالتأكيد وجود مواقع التفاعل الاجتماعى التى تزكى هذه الروح التى صارت آفة أكثر منها خفة ظل فكل شىء يتحول إلى مادة للسخرية والانتقاد وكثيراً دون منطق إلا يلا نسف على فلان أو على علان أو على هذا العمل.
ومن بين ما تم القلش أو السف عليه بلغة الشباب ما أطلقوا عليه أوبريت بينما تم تقديمه كفيديو كليب مصر قريبة، كليب شارك فى غنائه عدد من كبار مطربينا كأنغام ومنير من مصر ومنطقة الخليج العربى وعدد كبير من نجوم التمثيل فى مشاهده المختلفة، وهو موجه للسائح الخليجى وما أكثر من انتقدوا هذا الأمر وأمور أخرى فيه كنظرة غادة عادل التى قالوا إنها معيبة، وفستان أنغام التى جلست به على الكورنيش قلشوا عليه بحجة أن هذا المشهد لو كان حقيقى ومش تصوير لتعرضت للتحرش كما لم يتعرض أحد، وكلها انتقادات على هذا المنوال. وعلى الطرف الآخر فمن دافع عن الكليب دافع عنه بمنطق أن الهجوم عليه هجوم على مصر والخليج معا ويكره الخير لمصر وهو خائن، وهذا الدفاع عفوا أعتبره أيضاً استكمال لحالة القلش المصرى، فلا الدفاع له منطق ولا الهجوم له منطق فكلاهما يقلش وكلاهما نسى أن هذه مجرد أغنية مصورة فى إطار حملة للترويج السياحى، فكان أوجب علينا بعيدا عن القلش أن نقيم الأغنية ككلمات ولحن وصوت وصورة أولاً ثم نناقش جدوى أغنية فى إطار حملة لترويج السياحة.
أولاً الأغنية نفسها ككلمات معبرة قريبة من القلب وإن كان اللحن جعلها صعبة الترديد ودعنى أكون محددة أكثر فمثل هذه الأغنيات التى يكون لها هدف ترويجى يجب أن تكون سهلة الحفظ والترديد لدى العامة وهو ما لم يتحقق جزئياً بالأغنية ولكن الصورة بمشاركة الفنانين ربما ساهمت فى تسويق الفكرة، أما وإن الأغنية اقتصرت على السائح الخليجى فذلك لأنه الشخص المستهدف من الحملة، فهل فى رأى المنتقدين يجب أن نقدم الأغنية للسائح السودانى والعراقى والسورى واليمنى أم هل يجب أن نضع موريتانيا وتونس وبقية دول المغرب العربى فى الإطار، ومع كامل احترامى وحبى لكل الجنسيات العربية الشقيقة فإن السياحة منها تكاد لا تقيم أود شخص واحد، فكلنا نعرف أن السياحة الخليجية هى السياحة العربية الفارقة حتى بالنسبة لتركيا ودول أوروبا وكذلك شرق أسيا، إذاً الكليب ناجح فى تحديده للمستهلك المستهدف منه. ثم ننتقل إلى سؤال آخر، هل أغنية مهما كانت ناجحة وجيدة الصنع تكفى لتحفز حركة سياحية تعانى من عشرات بل مئات العثرات؟ بالتأكيد لا، وأنا أعلم أن هذا الكليب جزء من حملة تتبناها وزارة السياحة لتحفيز الحركة السياحية، إذاً لهؤلاء الذين يقلشون على الكليب رويدا.
ولكن يبقى السؤال الأهم وبعيداً عن القلش والتهريج هل يمكن أن نعيد السياحة ونروج لها فى حالة غير اعتيادية بأسلوب اعتيادى؟ الإجابة بالتأكيد لا كبيرة جدا، السياحة مثل الرداء الأبيض إذا وقعت عليه بقعة واحدة أفسدته، والأزمة أن إصلاح الأمر لا تملكه وزارة السياحة المسؤولة اسماً ولكن كل أجهزة الدولة والشعب وهى حكاية وأزمة كبيرة لا تدفع ثمنها عادة إلا الوزارة المسماة باسمها ولا يتم القلش إلا عليها فرفقاً يا محبى القلش.