تكتمل الفرحة عندما يتأكد المصريون أن العائد الأكبر لمشروعات المؤتمر الاقتصادى، سوف تنعكس عليهم وتسهم فى تحسين الأحوال المعيشية للسواد الأعظم من الشعب، وتخفف حدة الفقر فى القرى الأكثر احتياجا، وتمتد إليها يد الإصلاح والتنمية، فيعم الخير الجميع، الفقير قبل الغنى والقرى قبل المدن، فالتنمية التى لا يقتطف الجميع ثمارها لا تغنى ولا تثمن من جوع، والعدالة الاجتماعية ليست حبة كريز تتزين بها تورتة الأغنياء، ولكنها عهد قطعته الدولة على نفسها بعد 30 يونيو، ومن الضرورى أن يجد صداه بسرعة على أرض الواقع فى مشروعات كثيرة، أبرزها المليون وحدة سكنية المخصصة للشباب ومحدودى الدخل، بمقدمات صغيرة تبلغ خمسة آلاف جنيه.
جموع المصريين فرحون بنجاح المؤتمر، ولديهم ثقة كبيرة فى الرئيس والدولة وأن الخير آت، لمن يحلمون بفرص عمل عادلة توفر لهم حياة كريمة، وتخفف من حدة شبح البطالة الذى دمر أحلام الشباب وطموحهم، ولمن يتطلعون إلى المستقبل بثقة وتفاؤل، خصوصا أجيال الشباب، الذين جاءتهم الفرصة سانحة، ليثبتوا أنهم على قدر المسؤولية، ويستطيعوا أن يقودوا سفينة الوطن بكفاءة ومسؤولية، مطهرين صفوفهم من المخربين والحاقدين والمتاجرين بالمشاكل والأزمات والشعارات، وأن صناع الثورة لم يكونوا فى يوم من الأيام مخربين أو متآمرين أو حاقدين على وطنهم، وآن الأوان لأن نرد لهم الجميل.
العدالة الاجتماعية كانت مسمارا فى نعش أنظمة سابقة، ولكنها بإذن الله ستكون تاجا يزين الحكم الحالى، ويحشد وراءه كل أبناء الوطن، وكى يتحقق ذلك نتمنى أن تغرب شمس أصحاب نظريات «الخداع الاقتصادى»، الذين يعزلون عوائد التنمية عن مردودها الاجتماعى، ويدلسون بمقولات كاذبة من نوع أن التنمية عندما تصعد لأعلى فى سلم الأغنياء، فإن عائدها سوف يهبط لأسفل لينال منها الفقراء ومحدودو الدخل، وأثبتت التجارب السابقة أن الرأسمالية إذا لم يتم كبح جماحها تصبح قاسية ومتوحشة ومسببة للأوجاع والآلام.
المصريون جميعا هم أصحاب العرس الاقتصادى وليسوا مدعوين، ولا أظن أن وزير الإسكان سوف يغفل-مثلا- تخصيص أحياء سكنية فى العاصمة الجديدة للشباب ومحدودى الدخل، بأسعار يقدرون عليها ويتحملون أقساطها، وألا تكون مدينة للمستثمرين والقادرين ورجال الأعمال أو للأغنياء فقط، فالخلطة الاجتماعية مهمة وضرورية وتعطى مذاقا محسنا لتجانس نسيج المجتمع، وتنم عن فكر راق لتقريب الفوارق وتعميم المنافع.
مصر ليست فقط مارينا والقاهرة الجديدة وشرم الشيخ وغيرها من المنتجعات السكنية الراقية، لكنها أيضا قرى الفيوم ونجع حمادى وسوهاج وعزبة الوالدة، وسكان العشوائيات والأحياء الفقيرة والمناطق المهمشة، وليس لدى أدنى شك فى أن عقل الدولة والرئيس مع هؤلاء جميعا، وسوف يكون لهم نصيب عادل من عوائد التنمية لتتجه الفوائض إليهم، وتصلح ما أفسده الزمن من إهمال وظلم تنموى، وأناشد الحكومة بأن يكون قولها وفعلها واضحا وحاسما، وفاتحا أبواب الأمل والحياة، فليس مهما أن يصل دخل الفرد إلى خمسة آلاف دولار فى السنة، بقدر أن تقترب الدخول بمعايير العمل والجهد والقدرة على الخلق والإبداع. من حق المصريين أن يفرحوا بعد سنوات صعبة وألا يفسد أحد فرحتهم، فلا عودة للوراء، ولا بكاء على أطلال جماعة إرهابية أصابتها الهيستيريا، لأن البلاد تضع أقدامها على بداية الطريق الصحيح، وسحبت من تحت أقدامهم أطماع السلطة والخلافة وبيع الوطن فى مزاد الضياع، ولكن فليحذروا غضبة شعب يتطلع إلى الحياة.