المستشار حامد الجرف يكتب: على اسم مصر

الخميس، 19 مارس 2015 10:20 ص
المستشار حامد الجرف يكتب: على اسم مصر عَلَم مصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انعقد مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى بشرم الشيخ بنجاح فاق أبعد التوقعات تفاؤلاً، وحقق بمجرد انعقاده إنجازات سياسية لا تنكر، بما سيعتبر معه نهاية للحن الختامى لمرحلة الانتقال وبداية للأداء الأوركسترالى المتناغم والمستمر لسيمفونية البناء الوطنى استعادة للعافية لمصر وللمنطقة بأسرها.

وأعلن بجلساته عن عزم الحكومة بناء عاصمة إدارية جديدة لمصر لم يحدد اسمها، وعلى الفور ثارت التساؤلات وكثرت الاقتراحات بشأن ذلك الاسم، وعن هذا الجانب وحده تأتى مشاركتى هذه... يعرف المصريون أن إنشاء القاهرة (قاهرة المعز لدين الله) كان فى غضون عام 969 ميلادية على يد قائده العسكرى جوهر الصقلى بعد فتح الفاطميين لمصر وكان سبب تسميتها بذلك الاسم العبقرى "القاهرة" الذى لن يتكرر بهاؤه لأى تسمية أخرى، لظهور نجم القاهر فى السماء عند الشروع فى بنائها، وإن كان هذا لا يستبعد البعد اللغوى والمستقبلى للاسم عند اختياره. ويعرف المصريون كذلك- دون بقية العرب الذين يعتبرون القاهرة وتعتبرهم هى كذلك جزءًا من بنيها- أنهم يسمون مدينتهم الأم، العاصمة الكوزموليتانية أو فلنقل العروبية العملاقة، باسم "مصر" شاعت تلك التسمية الأخيرة عند المصريين من ذوى الأصول القروية مثلى فى البداية، ثم ما لبثت أن شاعت حتى أصبحت القاهرة هى مصر وكذلك أصبحت مصر هى القاهرة عند أهل الحواضر العربية الأخرى.

ما أريد أن أخلص إليه إلى أن الاسم واختياره أمر عظيم جلل فى حياة الأفراد والأمم والشعوب خاصة إن كان اسمًا لا لشخص ولا لمعلم جزئى منفرد، وإنما لعاصمة ستبحر فور إنشائها فى مسيرة التاريخ، وهى بحكم كونها عاصمة لدولة المركز مرشحة لأن تلعب أدوارًا تفوق ما يمكن تصوره لأى مكان آخر بما يجعل من اسمها جزءًا من دورها، وبما يجعل من اختياره أمرًا مهمًا بل وربما استراتيجيًا كذلك.

وقبل الاختيار- هكذا أصول المنهج العلمى- ينبغى الاتفاق على المعايير.. وأظن أن ما سأطرحه من معايير لاقتراح باسم محدد لن يكون محلاً لخلاف.

1- فلا بد للاسم أن يكون جسرًا بين الماضى والحاضر والمستقبل.
2- ولا بد له أن يكون عروبيًا فى معناه وأبعاده وجرسه.
3- ولا بد له أن يأتى محايدًا بين الأعراق والأديان والأيدولوجيات وخيارات السياسة.
4- ولا بد فيه من بعد حضارى وثقافى.
5- ولا بد فى معناه من رمزية لا يلتبس مضمونها.

تلك هى معاييرى التى أظن وجوب الالتزام بها فى مقترحات الاسم والمفاضلة بينها والاختيار منها والتى لا أعتقد أن أحدًا سيقف منها موقف الرفض.

وبغير إطالة أقدم اقتراحًا محددًا أرى توافر تلك المعايير فيه، وأترك شأنه للحوار المجتمعى وللقبول الجماهيرى له، ولذوى الشأن عند مستوى اتخاذ القرار فيه.

"رامتان" ذلك هو مقترحى.. هو مثنى "رامة" وكانت الرامتان فى صحراء الجزيرة مكانًا مذكورًا فى شعر الأقدمين يقع فى بلاد بنى تميم، أصل العرب، وهى كذلك اسم للقرية المجاورة لبيت المقدس التى تشرف بمقام إبراهيم الخليل أبو الأنبياء جميعًا.

وهى ليست اسمًا لمكانين لهما رمزيتهما فى التاريخ العربى والدينى ولكل الأديان معًا، وإنما هى تعنى لغويًا "القمة" فما سُمى كثيب الرمال ذاك بالرامة إلا لعلوه عن منبسط الصحراء من حوله، وكذلك فإن "الرام" اسم فاعل من رمى قال تعالى "وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى" والرام هو من يرغب فى الأمر، وهو من يتوطن فى المكان. وأخيرًا فهى الاسم الذى اختاره ذلك المصرى العبقرى الكفيف اسمًا لبيته وسكنه... لم يكن طه حسين قمة وحده فى حياتنا الثقافية الفكرية والأدبية، ولكنه كان وسيستمر رمزًا إنسانياً للتحدى، وللتحقق معًا، أفلا يصلح ذلك كله تبريرًا لذلك الاسم فى صيغة المثنى ليربط ما بين اسم القاهرة و"الرامة"، أو فى صيغة الجمع "رامات" ليربط جرسَه بين معنى القمم والأهرامات، ربما... ومع ذلك فهو مجرد اقتراح، للناس فيه القول الفصل والكلمة الخاتمة.











مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة