محمد الغيطى

وصفة المسعدة إسعاد للسعادة

الخميس، 19 مارس 2015 11:26 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قليلون هم الذين يسبرون غور البشر، والأقل هم الذين وهبهم الله القدرة على إسعاد خلقه، وأرقى شعور للسعادة هو البهجة، والأعلى منه هو الرضا.. النفس المرضية يقول عنها ابن الرومى إنها تجمع مجامع الحكمة والصفاء، ومن رحمة ربها فهى فى نعيم داخلى مهما كان الحال والمآل، وكل ما سبق يتوفر فى ست مصرية من الساس للرأس، هى خلطة عبقرية من عروق الذهب المصرى الخالص.. إنها إسعاد يونس، رحلة عطاء، وملحمة حب وفن وإبداع وتواضع وخير وشقاء ومتعة، أكتب عنها ربما لأول مرة بعيدًا عن السياسة والإرهاب والاقتصاد، والزوجة التى خنقت أطفالها من أجل عشيقها، والأب الذى ارتكب الفاحشة مع ابنته بفعل الترامادول والفقر لعنه الله، إيه الغم ده يا قلمى إحنا بنكتب عن البهجة والسعادة، عن مصنع الفرح إسعاد التى زلطتها الست الوالدة أم إسعاد وقالت لها سيرى مسعدة فى الأرض، وكانت دومًا اسمًا على مسمى.

منذ سنوات بعيدة وأنا محرر صغير فى الثمانينيات أرسلنى الراحل محمد جلال، رحمه الله، لأجرى معها حوارًا صحفيًا، وذهبت بالكاسيت لأسجل الحوار، وإذا بها تتحول لصحفية وتجرى هى حوارًا معى وأنا المجهول، أنا أحكى وهى تلقى «إفيهات» وتضحكنى ضحكًا زلالًا من القلب، شعرت يومها أنها قد غسلت روحى ونفضت همومى، ولم أجد ما أكتبه، لأن الكلمات عجزت عن وصف هذا الكيان العاشق للحياة ولمصر الحقيقية.. إسعاد يونس تجسيد حى للمصرية التى تحمل جينات المصاروة عبر العصور مهما تكالب الغزاة، وتصدر المتنطعون والخونة، وسادت فوضى المعانى والأشكال.. مهما تكاثر الغبار والضباب هناك جوهر متين لعنصر المصرى، أقوى من كل ذلك، وأبقى من كل عوامل التعرية.. انظر لملامح إسعاد ستجده فقط، اعرف مفاتيحه وتقدم ستجد الكنز المخفى والجوهر المتين، المصرية هنا ليست جنسية أو حروفًا بجواز سفر أو رقم قومى نقشوه بالسجل المدنى، وإلا كان كل مجرم إخوانى أو عميل يحمل الجنسية مصريًا، لأنها هوية وروح ومعنى ونفس وعشق وتوحد وجلاء بصيرة.. أمثال إسعاد دراويش فى مقام الست مصر، متصوفة لهم تجلياتهم وطرقهم فى عشقها وتناولها والتعاطى والتماهى معها، أمثال إسعاد ملبوسون بحبها، ومغرمون بترابها الزعفران، ومجذوبون فى حضرتها، إسعاد الدرويشة تعلمنا كيف نحب هذا البلد الذى لا تستحقه، وتمد يدها فى النيل لتعلمنا كيف نقدس «حابى»، ونرفع رؤوسنا كشجر النخيل على ضفتيه، هى تعرض لنا تجليات العاشق من الغسق للشفق، عندما تقدم لنا طعام المصاروة ولبسهم وفنهم والمشخصاتية الذين ذابوا عشقًا وقدموا عصارة إبداعهم ليسعدونا، عندما تستخرج من جب النسيان الرواد فى ماسبيرو، ونجوم الظل الذين أمتعونا، ولم يقل لهم أحد شكرًا لأن نجوم السبوبة ومشاهير الغفلة سحقوهم، كل هذا ليس اعتباطًا أو مجرد فرجة، بل تعمد مقصود لتعليم الغافلين والخونة العملاء.. إن هذه مصر التى لاتعرفونها، مصر المنارة التى قدرها تنوير الدنيا، مصر الوطن الذى أردتم تفكيكه وإرساله فى طرود لتل لبيب وقطر وتركيا وواشنطن، مصر عصية على الفناء والزوال إلى أن تقوم الساعة، وإسعاد تفعل هذا بلا ضجيج أو شعارات، بالعكس هى تعطينا الدرس فى كبسولة من البهجة والمتعة والفرح دون أن تؤذيك أو تخدش قيافتك، وكأنها أختك أو أمك أو ابنة خالتك فى لمة العيلة المصرية.. تحية لصاحبة عرش السعادة المسعدة إسعاد يونس، ربنا ما يحرمنا منك ولا من طلتك يارب.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة