الجديد، مجلة ثقافية عربية صدر عددها الأول الشهر الماضى فى لندن، رئيس تحريرها هو صديقنا الشاعر السورى نورى الجراح، وهو شخص طموح، يحاول من خلال المطبوعة الجديدة استئناف المغامرة الفكرية والجمالية الخلاقة التى بدأتها الثقافة العربية فى أبهى لحظاتها، وأكثرها عصفا فكريا، ونزوعا جماليا نحو التجديد والابتكار.
تعهد فى الافتتاحية: «لن تكون مجلة تيار واحد فى الثقافة، أو منبر جماعة أو شلة أدبية فكرية واحدة، لن يقتصر تطلعها على إقليم أو جغرافية ثقافية، ولن تقسم الثقافة العربية إلى مشرق ومغرب»، يعى محرر الجديدة أن ثورات الربيع العربى فرضت واقعا ثقافيا جديدا، حيث زاد نفوذ الهتاف واللوحة والملصق واللافتة والأغنية غير الرسمية، والشذرات المكتوبة بلغات عربية شتى تتراوح بين الفصحى المربكة والمصدومة بالوقائع الجلل المتلاحقة، والعاميات الطليقة الصارخة بكلمات الغضب والدعوة إلى التغيير، بينما الثقافة العربية الكهلة تتمطى فى منابرها وتتحرك فى سياقاتها المعتادة، نزيلة قلاعها الوهمية.
العدد جاء غنيا بالموضوعات، تناول الربيع العربى بعيدا عن برامج التوك شو، شهادات كاتبات عربيات عن الكتابة والأنوثة والسلطة والمعرفة، نصوص إبداعية متنوعة، إخراج فنى فريد استعان برسامين كبار، صدور مجلة ثقافية فى هذا التوقيت، وفى لندن عاصمة الإرهاب، هو تحد كبير للقائمين عليها، من الصعب الحكم على عدد، وخصوصا إذا عرفنا أن الوجوه الجديدة التى قدمها قليلة، وأيضا طرائق التناول، المهم هو انطلاق المجلة فى مناخ معادى للثقافة، والاحتفاء بصدورها مطلوب، لكى يتأكد المبدعون أن رئة جديدة يمكن التنفس من خلالها موجودة، ونوايا القائمين عليها نبيلة.. أهلا بالجديد.