أعلم كما تعلم أنت وهى ونحن جميعاً أن الصحة فى مصر بعافية كثيراً وتحتاج لكل الدعاء ولكل الجهد لكى ننهض بها فى كل مجالاتها، سواء عناصر بشرية أو مستشفيات أو تأمين صحى أو صناعة دواء مرتبط بها ارتباطا وثيقا، وأعلم كما تعلم أنت وهى أن الدولة المصرية فى حالة ليست بطيبة، أى أنها برضه بعافية شويتين، أى ضعف الشوية الواحدة، وبالتالى فالحديث عن تطوير العناصر البشرية وإنفاق المال عليها وتطوير كل المنظومة الصحية سيحتاج منها لوقت وجهد ومال، وبالتالى سيقال لنا الصبر ولا أظن أن هناك شعبا أقدر وأكثر التصاقاً بالصبر بمعناه الحقيقى أكثر من الشعب المصرى، لذا فإننى وغيرى مضطرون للصبر على سوء الحالة الصحية والطبية إلى أن يقضى الله فى أمرنا، ولكن لا أظن أنه مطلوب منا أن نصبر على النصب باسم الطب لأن كشف النصب وتجنيب الشعب تبعاته لا يحتاج مالا ولا وقتا بقدر ما يحتاج لبعض الجهد والانضباط والاهتمام من الدولة، وبالتالى من الوزارة المنوط بها صحة الشعب.
كثرت المحطات الفضائية إلى درجة كبيرة جدا وكلها تعمل على مدار الأربع والعشرين ساعة يومياً وتختلف نوعياتها من محطات عامة لمحطات منوعات كالأغانى أو الأفلام ومحطات إخبارية ورغم اختلافها إلا أنها تجتمع على فقرات طبية متنوعة أغلبها إعلانية تتنوع بين إعلانات صريحة عن مستشفيات أو مراكز طبية أو أدوية، لفقرات داخل برامج أو برامج مطولة تستضيف فيها الأطباء، إما للإجابة على أسئلة المرضى أو لكى يتحدثوا عن أمور طبية، وأياما كان الحال فكل من يعمل فى الإعلام مبدئياً يعرف أن كل هذه الاستضافات أو أغلبها لكى أكون أكثر التزاماً بالموضوعية استضافة مدفوعة الأجر كإعلان، ومنذ زمن ليس ببعيد كانت هناك قضية فساد كبرى فى تليفزيون الدولة تُعرف بـ«الزيس» الذى كان يدفعه الأطباء للمعدين ولآخرين فى مناصب لكى يظهروا فى الإعلام.
ورُبَ قائل وما المشكلة فى أن يحاول طبيب الإعلان عن نفسه؟ ولمن يسأل هذا السؤال أقول، لا مشكلة فى إعلان صريح ولكن حتى الإعلانات الصريحة يجب أن تكون تحت إشراف وزارة الصحة، فكم من طبيب، والاسم طبيب يعطى لنفسه شهادات وتقييما غير حقيقية، وكم من النصب وقع فيه من الشعب الطيب الذى يتصور أن مجرد ظهور شخص فى الإعلام يعطيه مصداقية وكفاءة، وكم من مراكز طبية تحت السلم أعرف باليقين أنها لا علاقة لها بالطب ولكن الإعلانات جعلت منها صروحا طبية، كما يقولون. أما البرامج فحدث ولا حرج فعجباً أن نجد طبيبا يجلس أمام مذيعة حسناء أو غير حسناء يتلقى اتصالات من المشاهدين ويشخص المرض والعلاج على الهواء حاجة ولا فى الأحلام.
الطب يعنى صحة الناس وليس هناك ما هو أهم من الصحة، والدولة لا تستطيع أن توفر لأبنائها العلاج الكافى المناسب ولكنها على الأقل وأضعف الإيمان تستطيع أن تجنب الشعب النصب باسم الصحة والعافية.
إذا كنا نصرخ ليل نهار من مشكلات الإعلام وكوارثه فكله كوم والصحة كوم، والشعب المصرى الطيب يا سيادة وزير الصحة يقع كل ليلة وكل ساعة فى قبضة الدجل الطبى، فماذا أنت فاعل؟ فالغوث من أطباء ومراكز الفضائيات يا سيادة الوزير، لأن مخاطبة الفضائيات فى تحرى الدقة والمهنية فى هذا الشأن كمخاطبة الصم البكم العمى أمام عوائد الإعلانات. وأرجوك يا سيادة الوزير بل أتوسل إليك ألا تقول، إنها ليست من مهامك أو إنها مهمة صعبة الضبط، فأى دولة تلك التى يمكن أن تترك ساحة الصحة نهباً لتجار الأعشاب والوهم دون رادع إلا لو كانت دولة فاشلة؟! وهل الرقابة على الصحة والعاملين فيها أيضاً وأطباء الفضائيات كثير عليك؟!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة