وائل السمرى

ولماذا لا نقتل أم كلثوم «بالمرة»؟

السبت، 21 مارس 2015 08:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يكف المجتمع المصرى عن الإعلان عن مدى تطرفه العام أبدا، أى كلمة كفيلة بأن تشعل الحرائق، أى موقف كفيل بأن يجعلك بطلا عن البعض وهدفا للاغتيال عند البعض الآخر، نعيب أعداءنا والعيب فينا، ندعى أننا أئمة السماحة والرضا، لكن فى جوفنا يكمن الوحش ويتوغل منتظرا أى فرصة للظهور العلنى، وما أن يحصل على تلك الفرصة حتى تبرز الأنياب وتلمع المخالب، ونتحول بقدرة قادرة من بلد إلى غابة، قانونها الوحيد هو «البقاء للأقذر».

وليس أدل على تلك الحالة العدوانية العدائية المرضية التى وصلنا إليها من المعركة الدائرة الآن بين جمهور محمد منير «السابق» وجمهوره «الحالى» فقد أدت الكلمة التى قالها منير فى حفل ختام مؤتمر شرم الشيح الاقتصادى والتى مدح فيها أحد الإعلاميين وقناته إلى فتنة حادة بين «جمهور منير» و«جمهور منير» وللأسف وصلت المعركة إلى الحد الذى يطالب فيه مهاجموه بأخذ العزاء فى «الملك»، ووصل الأمر بالفريق الآخر إلى اعتبار كل من يهاجمه مجرد «قطعان»، وهكذا سقط المجتمع فى غواية التطرف والتطرف المضاد.

الأمر فى غاية البساطة، لقد قال منير رأيه، وصرح من قال «يا اللى أنتى عشقك حرية» بأنه يحب إحدى القنوات وأنه «مبسوط»، لأن مذيعها الأشهر تحول إلى درويش من دراويشه، وهذا رأيه الذى أختلف، شخصيا، معه، ولا يخفى على أحد أنى هاجمت تلك القناة ومذيعها مرارا وتكرارا، وأنى أختلف مع سياستها التحريرية كل الاختلاف وأعتبرها أيضا منبرا من منابر تأجيج الكراهية فى المجتمع، لكنى أيضا أعتبر الهجوم الشرس الذى تعرض له منير خروجا على قواعد الديمقراطية والحرية التى نتغنى بها ونريد ترسيخها.

لا أجد هنا مقولة أبلغ من مقولة رائد الليبرالية فى العالم «فولتير» التى وضع فيها أسس الحرية وقبول الآخر قائلا: «قد أكون مختلفا معك، لكنى على استعداد لأن أدفع حياتى ثمنا لتعبر عن رأيك بحرية» ولو رددنا الأشياء إلى أصلها لارتحنا جميعا، فمن غير المعقول أن نفصل من نعشقها على مقياس مزاجنا المتقلب، وليس من الرشاد فى شىء أن ننصب المشانق ونصب الويلات على من يختلفون عنا، لمجرد أنهم يختلفون عنا، فقد غنت أم كلثوم للملك فاروق فى أغنية «يا ليلة العيد» ومع ذلك بقيت أم كلثوم صوت الثورة وكوكب الشرق وفنانة الشعب الأولى، «وغنى عبدالوهاب لفاروق أيضا فى أغنية «الفن»، ومع ذلك أصبح ملحن «وطنى حبيبى» وغيرها من الأغانى الثورية المبهرة، كما مدح الشاعر الكبير «محمود حسن إسماعيل» فاروقا بديوان شعر كامل، ومع ذلك ظل «إسماعيل» شاعرا كبيرا وملهما عظيما لجميع الشعراء الثوريين وأشهرهم أمل دنقل، فلماذا نصر كل يوم على اكتساب العداوة حتى مع من نحب، ولماذا أصبح التطرف فى حياتنا الماء والهواء، لا يمر يوم إلا وتسممنا به؟





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة