عمرو جاد

ليست كل النوايا خبيثة

الأحد، 22 مارس 2015 06:53 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لماذا لن ينصلح حالنا بالنوايا الطيبة وحدها؟ فى أقل من أسبوع أمات المصريون عبدالرحمن الأبنودى وأخونوا محمد صلاح «اتهموه بأنه إخوانى»، وخونوا محمد منير «اتهموه بالخيانة» وقادوا انقلابا على الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، كلها أمور لا يسهل إثباتها من دون أن تكون على صلة قوية بعزرائيل أو تحمل جهازا لقياس النوايا، أو ربما لديك قريب يعمل فى مكتب الرئيس الروسى.

ليس تقليلا- لا سمح الله- من عقلية من ينقلبون على الناس لمجرد أنهم ساروا فى غير الطريق الذى يتمنون لهم، الحقيقة أنه تقليل من شأن المنطق الذى يتعاملون به مع صور ذهنية صنعوها بأنفسهم، بشكل أوضح هم يصنعون صنم العجوة ثم يأكلونه إذا لم يوفر لهم الطعام عندما جاعوا، بتبسيط أكثر: لا يستقيم أن أربط أنا أو أنت بين ما يقدمه محمد منير أو عبدالرحمن الأبنودى أو محمد أبوتريكة، وبين قناعاتنا الشخصية، من حقى أن أحدد إطارا للصورة التى أرسمها فى ذهنى عنهم، لكن ليس مسؤوليتى أبدا التفاصيل التى لا أحبها فى الصورة، إذن فلن أتحكم أبدا فيما يعتقدونه أو أجبرهم على حب ما أحب وكراهية ما أكره، تلك إذن قسمة ينقصها العدل والإنصاف.

ما أخشاه حقا هو أن تتحول تلك الاختلافات التى نكتشفها فى نجومنا المفضلين إلى وقود للإحباط والاكتئاب وفقدان الإيمان بكل ما نعتبره جميلا فى حياتنا، القاعدة تقول إن لكل شخص حقا فيما يعتنقه ويؤمن به، والعقل يفضل أن يتعامل مع الناس بقدر من الواقعية أكثر من العواطف، الأخيرة نسبية تخضع لمعايير كثيرة، بينما العقل وحده هو الذى علمك كيف تستمتع برحيق الورد وتتغاضى عن أذى شوكه.

الخطر الحقيقى، فى وجهة نظرى، أن تجبر تلك الطريقة الناس على كتمان ما يعتنقون، وتلك بداية نفاق مزمن وممنهج نجنى ثماره اليوم فى مجتمعنا الذى عودته النظم الخربة والحكومات الضعيفة على الاهتمام بالمظهر حتى لو كان الجوهر خطأ، المهم أن ترضى العامة ودين العامة وفهم العامة، دون أن تفكر مرة واحدة فى أن تربى هؤلاء العامة أولا على التفكير واحترام المنطق، معظم الناس وإن لم يكن جميعهم لديه قناعات تخصه، وعقائد يعتنقها، بعضها يظهر فى الأفعال والآخر يظل طى النفس، فإذا كنا سنحاسبهم على الضمائر ، فمن حقهم أن يحاسبونا أيضا بنفس المعيار.. حينها ستضيع الثقة المتبقية بيننا مثلما ضاع قبلها الحق والأخلاق.ما نكرهه بالفعل، أن يتحول السقوط فى هذا الفخ - فخ التصنيف والحساب بالنوايا- إلى منهج فى الحوار بين المصريين، تلك الموضة البغيضة التى انتشرت بعد ثورة 25 يناير، وتجذرت بوصولها إلى النخبة التى أصبحت بالفعل تتعامل بمنطق الكيد والتفتيش فى النوايا.. بهذا المنطق سيحتار كاتب التاريخ بعد سنوات فى البحث عن رمز لم يتم تشويهه أو نجم يتفق عليه 10 أشخاص لأسباب موضوعية.. أصلحوا نواياكم ودعوا نوايا الآخرين لمن بيده مفاتيحها.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة