الأصل فى مسابقة وزارة التربية والتعليم أنها خلقت بابا جديدا من أبواب التفاؤل لدى قطاع كبير من خريجى كليات التربية للتعيين بشكل شرعى فى المدارس دون اللجوء لواسطة أو دفع «رشوة من تحت الطرابيزة»، ولكن بقدر فرحة الـ30 ألف معلم الذين وقع الاختيار عليهم فى المسابقة الأخيرة، بقدر ما أعادت إلينا «الوجع» عن الاضطرابات الحاكمة لمشهد التعليم فى مصر السنوات الأخيرة، فلك أن تتخيل أن المسابقة فاز فيها 9.2 ٪ فقط من إجمالى المتقدمين البالغ عددهم 342 ألف بالتعليم الفنى والعام، بما يعنى أيضاً أن 294 ألف طامح فى التعيين بوزارة التربية والتعليم فقدوا الأمل بعد تعلق الشهور الثلاثة الماضية.
لو حللت رقم الـ 294 ألف معلم، ستكتشف أنهم جميعا خاضوا المراحل التعليمية وحصلوا على درجات متميزة بالثانوية العامة والتحقوا بكلية التربية التى غالبا ما تقترب درجة الالتحاق بها من 90 % فى القسم العلمى و85 فى القسم الأدبى، إضافة إلى أنهم جميعا كبدوا ذويهم مصاريف وانتقالات يومية ونفقات كتب دراسية حتى يحصلوا على شهادة البكاليروس، أى أن الـ 294 ألف أسرة، أدوا ما عليهم تجاه أولادهم، لكن الدولة لم تقابلهم بنفس الأداء، تخلت عنهم، وتركتهم رهينة للمجتمع يفعل فيهم ما يشاء، والمفترض أن «العمل لا يعيب»، ولكن تخيل أن ابنك بعد رحلة طويلة من التعليم الجامعى، قد يضطر للعمل كعامل فى مشروع عقارى أو بائع فى محل اغذية أو حتى سائق تاكسى.
شكرا للوزارة على المسابقة، ولكن من العيب عليها أنها كانت سببا فى انكسار «الأمل» لدى قطاع كبير من الشباب، الأمل الذى تولد مع إعلان الوزارة بإجراء اختبارات نوعية سيكون الاختيار على أساسها، وهى الاختبارات التى انشغل الجميع بها، ولكن النتيجة النهائية للاختيار كانت على معيارين مختلفين، الأول هو الحصول على الماجستير والدكتوراه، والثانى هو درجة البكالوريوس، وكان الأولى إعلان الشفافية من البداية.
النتيجة، أننا نتناقش يوميا المناهج الدراسية وتطوير التعليم ومواصفات المدرس بينما قاعدة منظومة التعليم لدينا «بعافية»، مهتزة، عامودها الرئيسى «المدرس» حديث التخرج، لا يؤمن بأن الدولة ستحميه، لايؤمن بفرصة عمل تنتظره، لا يؤمن بأن ما تلقاه لسنوات طويلة فى الجامعة سينقله لجيل جديد من التلاميذ فى المدارس.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة