اوجاع الجنوب .... من هنا مر الفقر فترك الوجع على أبواب بيوت قرى بنى سويف .. منازل «منشأة عمرو».. هجرتها الأحلام وسكنتها وإتاوات محاضر المحليات .. الأهالى أرزقية «يعملون يوما وعشرة لا»

الإثنين، 23 مارس 2015 11:23 ص
اوجاع الجنوب .... من هنا مر الفقر فترك الوجع على أبواب بيوت قرى بنى سويف .. منازل «منشأة عمرو».. هجرتها الأحلام وسكنتها   وإتاوات محاضر المحليات .. الأهالى أرزقية «يعملون يوما وعشرة لا» احد اهالى القرية يتحدث الى محررة اليوم السابع
كتبت صفاء عاشور و آية نبيل / تصوير حازم عبد الصمد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
طرق ضيقة، وقمامة لا تجد من يجمعها، مياه المجارى تزيد من بؤس المشهد، وبيوت فقيرة، أبوابها مفتوحة على الدوام، يطل منها أهالى قرية منشأة عمرو، الذين اعتادوا الحياة يوم بيوم، بلا خطط ولا أحلام، معتمدين على «فضل الله»، والتكافل فيما بينهم، الذى حفظ الأسر المعدمة لسنوات، من الموت جوعا وبردا، فى ظل نقص خدمات البنية التحتية، والمشروعات التنموية.

فى قرية منشأة عمرو، يمكنك أن تتعرف على المعنى الحقيقى لكلمة «حد الكفاف»، فالقرية المسجلة ضمن أفقر 10 قرى على مستوى الجمهورية، وفقا للتقرير الإنمائى للأمم المتحدة، لعام 2010، مازالت على حالها منذ ذلك الحين، بل أقدم من هذا التاريخ، منذ اندلاع ثورة يوليو، وإعادة توزيع أراضى الإقطاع على فلاحى القرية البسطاء، وفقا لما رصدته جريدة «اليوم السابع»، خلال جولتها بالقرية.

المهام الصعبة



الوصول إلى القرية واحدة من المهام الصعبة التى واجهتنا، والعودة منها أصعب، حيث تندر الموصلات تماما عقب الساعة الخامسة، مما يزيد من صعوبة الانتقال بين القرية، ومركز الفشن، الذى تتبعه القرية إداريا، ويتبع قرية منشأة عمرو 11 عزبة، ويصل عدد سكانها إلى 8 آلاف نسمة، أغلبهم يعملون بالزراعة، مقابل «يومية» لا تتعدى الـ20 جنيها.
الفقر يسكن البيوت والأحلام تهرب بعيدا- 2015-02 - اليوم السابع

الفقر يسكن البيوت والأحلام تهرب بعيدا



وبمجرد دخولك إلى القرية، يجب عليك توديع كل مظاهر المدنية، فوضع القرية من الداخل، لا يختلف كثيرا عن مشهد القرية فى أفلام الخمسينات من القرن الماضى، حيث دوار العمدة يتصدر مدخل القرية، وقد علقت على بوابته لافتة كتب عليها «عمدة قرية منشأة عمرو»، فى حين تتناثر حوله بيوت فقراء القرية الصغيرة، وبيوت أخرى، لصغار ملاك الأراضى، أصحاب الحال الميسور.

وكعادة المسؤولين الحكوميين يرى عمدة القرية «وجدى إسماعيل»، الذى أمضى 30 عاما فى منصبه، منذ عام 1985 وحتى الآن، أن مشكلة الصرف الصحى، هى أكبر مشاكل بالقرية، التى من الممكن أن تتسبب فى انهيار عدد من البيوت القديمة، فضلا عن تأثيرها عند اختلاطها بمياه الشرب، والرى، غير ذلك فإن عمدة القرية لا يرى أى مشاكل أخرى بها، أو كما يقول أهل البندر «كل تمام».

غرف استقبال العمد المميزة



غرفة الاستقبال التى التقينا عمدة قرية منشأة عمرو بها، كانت لا تختلف كثيرا، عن مثيلاتها من غرف استقبال العمد المميزة، التى نقلتها لنا أفلام فترة الخمسينيات من القرن الماضى أيضا، حيث يتزاحم بها أربع قطع أثاث للضيافة، يتوسطها طاولة خشبية، وضع عليها دفتر ضخم، بينما علقت بنادق «الخفر» على أحد حوائط الغرفة، وقد ثبتت بسلسلة حديدية، تنتهى بقفل، حتى يصعب عبث الغرباء بها.

وقد أكد لنا إسماعيل، أن القرية يتناوب على حراسة المنشآت الحكومية بها 12 من الخفر، يتناسب عددهم مع تواضع عدد المنشآت الحكومية بالقرية، التى لا تزيد عن جمعية الإصلاح الزراعى، ووحدة صحية، وكنيسة، وجامع، وبالطبع دوار العمدة.

التجول فى شوارع القرية، يكشف عن خلل فى تخطيط القرية، يجعل التيه فى شوارعها أمرا واردا، الأمر الذى فسره لنا عماد سامح، أحد سكان القرية، الذى أكد أن سبب ذلك، يرجع إلى مشروع حكومى، نفذ خلال التسعينيات من القرن الماضى، هدف إلى إعادة تخطيط طرق القرية، وتحسينها، وانتهى بخطأ فى التنفيذ، أدى إلى تحويل القرية «لبيت جحا».

رغم ضيق الحال الابتسامة ممكنة- 2015-02 - اليوم السابع

رغم ضيق الحال الابتسامة ممكنة



القمح والخيار والذرة، أبرز المحاصيل التى تشتهر القرية بزراعتها، ويعمل أغلب سكان القرية كفلاحين يومية فى حقولها، يتقاضون مبالغ لا تتعدى الـ20 جنيها يوميا، ويتوقف استمرار عمله، وانقطاعه، على مواسم الحصاد، والزراعة.

سكان القرية



حتى أصحاب الشهادات العليا والمتوسطة من الأهالى، يضطرون للعمل فى الحقول، كما تؤكد «فوزية»، إحدى سكان القرية، التى تعانى هى وزواجها من عدم وجود وظيفة ثابتة لأى منهما، رغم حصول كلاهما على دبلوم تجارى، ما دفعه إلى العمل الموسمى فى المزارع، بينما اضطرت هى إلى المكوث فى البيت، لتربية الأولاد.

مشكلة فوزية وزوجها تتشابه مع حال مئات الشباب من سكان القرية، فنسبة التعليم بالقرية تتعدى الـ70%، فالفقر وضيق ذات اليد، لم يمنع أهالى منشأة عمرو، من تعليم أولادهم، وإن ظهرت مشكلة تبدو بلا حل، وهو ضعف المستوى التعليمى لدى الطلاب، وجهل عدد منهم للقراءة والكتابة، حتى بعد حصولهم على الشهادة الإعدادية.

وعند تجولنا فى القرية، لاحظنا وجود العشرات من الأهالى عند مداخل بيوتهم، لا يفعلون شيئا سوى انتظار المجهول، فى ظل عدم وجود أى طموح لديهم فى تطوير قريتهم، فلا خطط حكومية لإقامة مشاريع لتشغل الأيدى العاملة، ولا وعى كافٍ بين الأهالى للبحث عن تمويلات متناهية الصغر، الخاصة بالشباب.

تقول فرح إبراهيم، إحدى سكان القرية، أن جميع قاطنيها «عايشين على الاسترزاق، يشتغلون يوما و10 لا»، فى حين تبقى مشكلة تصريف إنتاج أرض القرية من محاصيل زراعية، من المشكلات الأساسية التى تواجه أصحاب الأراضى هناك، بسبب عدم وجود أسواق لتسويق المحاصيل، فضلا عن بعد القرية عن الطرق الرئيسية، وارتفاع أسعار نقل المحاصيل إلى مركز الفشن، الذى تتبعه القرية إداريا.

ويمكن ملاحظة ضعف دور المجتمع المدنى، خاصة الجمعيات الخيرية، داخل القرية، فوفقا للأهالى، آخر جمعية أتت إليهم، فى محاولة رفع معاناة الفقر عن المعدمين منهم، كانت منذ 4 سنوات مضت، بعدها انقطعت المساعدات عن القرية تماما، ما زاد من معاناة الأهالى، أمر لخصته زينب عبد الرحمن، التى جلست على مدخل أحد البيوت القديمة بالقرية، وعند مرورنا بجوارها هتفت فى صوت يكسوه الحزن «عندى 3 بنات عايزين يتجهزوا، عندكم حد يساعد».

الوحدة الصحية فى القرية، تعانى من نقص الأدوية، وعدم انتظام الأطباء بها، كما هو الحال فى عشرات من الوحدات الصحية، بباقى القرى الفقيرة، ويحاول أهالى القرية، توفير حاجتهم من الدواء، عن طريق صيدليتين أهليتين فى القرية، تعانيان أيضا من نقص فى الأدوية، وبخاصة الأدوية الخاصة بالأطفال، كما يؤكد الأهالى.

أطفال القرية ينتظرهم مصيرمجهول- 2015-02 - اليوم السابع

أطفال القرية ينتظرهم مصيرمجهول



القمامة من المشكلات الرئيسية فى القرية، كما يؤكد رجب راضى، أحد سكان القرية، يقول رجب إن خدمة إزالة القمامة لا توفرها المحافظة، وهو ما يكلف الأهالى مبالغ باهظة، ما يدفعهم إلى تركها تملأ طرقات القرية، ما يتسبب فى انتشار الفئران الضخمة والحشرات، التى تهدد صحة أطفال القرية، وبخاصة طلاب المدرسة الابتدائية.

موظفو البيئة التابعون للوحدة المحلية، بدل من محاولة حل مشكلة القمامة بالقرية، يقومون بتحرير محاضر ضد الفلاحين، فى حال تركهم لماشيتهم أمام البيت، بدل من الحظيرة المخصصة لذلك، كما يؤكد محمد خلف، أحد سكان القرية، أن تلك المحاضر يتم سحبها، مقابل دفع مبلغ مالى يتراوح ما بين 100 إلى 120 جنيها.

ويحلم الأهالى ببناء معهد دينى تابع لمؤسسة الأزهر، داخل القرية، لتقليل مشقة انتقال الطلاب من وإلى مدارسهم، مؤكدين أنهم على استعداد لبناء المعهد بالمجهودات الذاتية، مقابل سماح جمعية الإصلاح الزراعى لهم، باستغلال قطعة أرض قريبة من مقر الجمعية.

ويقول محمد حسن شيخ جامع عمرو عبد العزيز، التابع لقرية منشأة عمرو، أن بناء معهد دينى، لا يحتاج لأكثر من 15 قيراطا من أرض تابعة للإصلاح الزراعى، وأن بناء المعهد سيساهم فى رفع المستوى التعليمى لأبناء القرية، خاصة أن فصول المدارس بالقرية، يزيد نسبة الكثافة بها عن الـ50 طالبا، وهو ما يساهم فى انخفاض نسبة تحصيل الطلاب من المادة العلمية.


موضوعات متعلقة


أوجاع الجنوب.. «اليوم السابع» فى محافظة بنى سويف.. الدولة تغيب والمواطنون يصرخون.. ناقلات "الذهب الأسود" تهدم بيوت الغلابة فى مركز "إهناسيا".. منازل قرى البترول آيلة للسقوط نتيجة عمليات الحفر والتنقيب








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة