يوسف عبدالحميد صديق سكندرى قديم، مسرحى عاش بيننا فترة ليست قصيرة فى حوش قدم بالغورية بصحبة الفاجومى الكبير أحمد فؤاد نجم أواخر الثمانينيات، كان عائدا من إيطاليا وعنده مشاكل مع وزارة الثقافة، نلتقى منذ أيامها قليلا، ولكن حبل الود والمحبة ممدود دائما، طموحه الكبير كعبل مشاريعه، وإقامته فى الإسكندرية أبعدته عن عالمه وعالم المسرح، قبل أيام وقع فى يدى كتاب «لحظات من سعادة عابرة» للكاتب الإيطالى فرانشيسكو بيكولو، من مواليد، 1964، كتاب جميل جدا ينتمى إلى الكتابة التى أحبها، لا هو رواية ولا مقالات، ولا نصوص ذات مواصفات أدبية، فقط كتابة حلوة، لغة الترجمة التقطت خفة ظل الكاتب.
أحيانا تفسد الترجمة المتجهمة أعمالا عاشت لأنها غير متجهمة، كما حدث مع دون كيخوته لسرفانتس فى ترجمتها الأولى على يد المفكر العظيم عبدالرحمن بدوى، وحين أعدنا قراءتها بترجمة الدكتور عبدالعزيز الأهوانى تلميذه سليمان العطار، اكتشفنا نصا آخر، دار نشر «بعد البحر» لم تضع اسم المترجم على الغلاف، وبعد عدة صفحات وأنا مستمتع بالقراءة، عدت لأجد يوسف عبدالحميد هو المترجم، وصحبتنى ابتسامته الصافية إلى آخر سطر، يقف بيكولو فى مواجهة روما، ويتتبع خطى ومصائر سكانها فى الشوارع والأزقة، يرسمها برشاقة رسامى الجرافيتى، لا يفكر فى هجر المدينة كما فعلت جماعات الهيبز، هو يعبر عن طزاجة المدينة، يفرغها من محتوياتها فى لحظة، ثم يعيد إليها الزحام، يفكر بعقل صعلوك كونى، وينصح بعدم الذهاب مع الأطفال إلى حديقة الحيوان بسبب الزحام، ويشعر بالاختناق وهو فى المسرح، هو يعبر بتلقائية عن مشاعره، وبدون افتعال، يحكى مثلا عن حبه فى الدخول فى مناقشات لفهم الأمور غير المجدية مع أى من كان، يحسب لمنادى سيارات بذىء فى الشارع مكاسبه، ويحلم بوظيفته، يعتبر محل الزهور أكثر مكان يشعر فيه بالملل، ولكنه هناك يفكر فى لحظات سعادته العابرة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة