عمرو جاد

استقالة البخارى

الجمعة، 27 مارس 2015 06:11 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رغم خطورتها، تبدو أغلب الانتقادات التى يتم توجيهها للإمام محمد بن إسماعيل المعروف بـ«البخارى» ضعيفة لسببين: الأول: أن التاريخ الإسلامى فى جميع مراحله شهد خلافا ما حول البخارى، وكان دائما خلافا فى التفاصيل التى لا تقلل من شأن صاحب أكبر جامع للحديث منذ أن لقى النبى محمد، صلى الله عليه وسلم، ربه، وحتى مولد البخارى كان سببًا فى الخلاف حوله والهجوم عليه حتى إن كارهيه شككوا فى مذهبه ولمزوا فى انتمائه للعرق الفارسى.

السبب الثانى: يتلخص فى أن المخالفين له اتبعوا طرقا تدفع الناس للتمسك به أكثر فأكثر، بدءًا من محنته فى مسألة خلق القرآن، وانتهاء بمحنته الحالية فيما يلقاه من هجومٍ اليوم لا يلتزم بأبسط المعايير التى يحتاجها الخلاف العلمى والنقاش المتحضر وإعمال العقل، ببساطة أكثر، كلما زاد الخلاف حول الرجل ازداد تمسك الناس به، ليس لأنه مقدس- لا سمح الله- لكن بسطاء المسلمين على خلاف عصورهم يحبونه ويقدرون جميله الذى أفنى حياته ليصل إليهم.

مرة أخرى.. البخارى رغم عظم إسهامه فى البناء الإسلامى، ليس إلا رجلا أخلص النية واجتهد فأصاب وأخطأ، أيضا هو ليس مسؤولا تنفيذيا سيستقيل كلما زادت الأصوات المعارضة له، فهل يعنى هذا أن نهدم كل ما قدمه لنا إن كان هذا يتعارض مع عقولنا أو ما تحمله كتب أخرى، حينئذ سنرتكب الحماقة المتكررة منذ انقطاع الوحى عن السماء وحتى اليوم: الأعلى صوتا يسود ويستبد فيطمس مجهودات من يفكر ويعمل فى هدوء، ولو كان البخارى استسلم لمن مارسوا ضده ذلك الاستبداد فى حياته، فلا أحد سوى الله يعلم كيف كانت ستصل إلينا تلك الأحاديث.

هل هو صراع بين التخلف والتقدم؟.. فى الحقيقة هى أزمة العقل، به تترسخ العقائد، وبه أيضا يفسد اليقين، فحتى البخارى الذى يرى البعض فى صحيحه أمورا منافية للمنطق، وهو ليس مسؤولا عن المتن إنما اهتم بالسند، والرجل كان عقلانيا لأقصى درجة حين امتُحن فى مسألة خلق القرآن فقال: «كلام الله غير مخلوق وأفعال العباد مخلوقة والامتحان بدعة»، هذا اجتهاد مباح كالذى يمارسه قليلون اليوم ويتظاهر به آخرون ليهدموا بنيان البخارى من القواعد.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة