نشأ وسط أسرة عريقة، اشتهرت بخدمة القضية الوطنية المصرية، فوالده هو حسن عبد الرازق، أحد مؤسسى جريدة "الجريدة" وحزب الأمة، هو الشيخ مصطفى عبد الرازق، الذى قضى طفولته فى قريته، وتعلم فيها القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم، التحق بالأزهر الشريف ليحصل العلوم الشرعية واللغوية، ودرس الفقه الإمام الشافعى، وعلوم البلاغة والمنطق والأدب والعروض والنحو وغيرها، ليتشكل بداخله إنسانًا عذبًا، ذو روحٍ تنهل من منابع الفكر والإبداع.
وفى الوقت الذى ينادى فيه الجميع بضرورة تجديد الخطاب الدينى، والثورة على الخطاب السائد، مرت علينا مؤخرًا الذكرى الـ130 لميلاد الشيخ مصطفى عبد الرازق، شيخ الأزهر الأسبق ورائد الفلسفة الإسلامية، المولود عام 1885م.
فالشيخ مصطفى عبد الرازق، هو أول شيخ أزهرى يتولى وزارة الأوقاف ثمانى مرات كانت أولها فى وزارة محمد محمود عام 1938، وآخرها عندما استقالت وزارة محمود فهمى النقراشى فى منتصف فبراير 1946، والتى كان الشيخ فيها وزيراً للأوقاف للمرة الثامنة والأخيرة، وكان طوال الفترة مثالاً للنزاهة والصدق والسماحة، ولما تتمتع به شخصيته من حسٍ أدبى وفنى ومعرفى وفكرى، جعله نموذجًا فريدًا داخل الأزهر الشريف.
ومما لا يعرفه كثيرون، هو أن عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين اشترك مع الشيخ مصطفى عبد الرازق فى كتابة مقال عن شاعر الهند "طاغور" ونشر فى جريدة "السياسة الأسبوعية" فى الرابع من ديسمبر 1926، بعد شهور من العاصفة التى حاربته بسبب كتابة "فى الشعر الجاهلى"، ووضع فيه اسم الشيخ قبل اسم طه حسين.
كان هذا المقال عبارة عن حديث مع الشاعر رابندرانات طاغور، الحاصل على جائزة نوبل فى عام 1913، وأجرى معه أثناء زيارته القصيرة للقاهرة، فى طريقه إلى إنجلترا، التى درس فيها طاغور الأدب الإنجليزى فى سن العشرين، وكان دائم السفر إليها للقاء أدبائها، ومتابعة نشر أعماله، والتنقل بين المدن الأوربية والأمريكية.
ومصطفى عبد الرازق، هو شقيق الشيخ على عبد الرازق، الذى اشتهر بمؤلفه الذى أثار معركة فكرية وقضائية شهيرة عام 1925م، وهو كتابه "الإسلام وأصول الحكم: بحث فى الخلافة والحكومة الإسلامية". حيث رأى أنه لا وجود للخلافة فى الإسلام مؤسسة الأزهر ضد الشيخ، فعقدت له محكمة تأديبية وتم فصله من وظيفته وإخراجه من زمرة العلماء، وقد وقف الكاتب الكبير عباس العقاد مدافعًا عن حرية الرأى والتعبير، ورأى أن محاكمة الشيخ عبد الرازق إنما مبعثها العبث بالدستور وبالحريات التى تضمنها، فيما وقف طه حسين كليًّا مع الكتاب وصاحبه.
موضوعات متعلقة..
- عطر الأحباب.. ثلاثة رجال ساعدوا "سومة" ودعموها فى البداية.. مصطفى عبد الرازق شيخ الأزهر الذى عشق صوتها
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة