عاصفة الحزم أكبر من كونها عملية عسكرية نوعية لإعادة اتزان الأوضاع الداخلية فى اليمن بعد تقدم الحوثيين المسلحين ورغبتهم فى السيطرة على البلاد بكل بساطة لأن عاصفة الحزم غيرت معادلة الشرق الأوسط والعرب تحديدا، وغيرت أيضا خطوط العلاقات الدبلوماسية لعدة دول كانوا بالأمس فرقاء واليوم يشاركون فى تحركات عسكرية جنبا إلى جنب، أو يصدرون بيانات بنفس المضمون، وفى أغلب الأوقات نفس العبارات.
1 - تخيل أن «مصانع الحداد» بين مصر وقطر ولكن عاصفة الحزم جمعت مصر وقطر فى صف واحد، عسكريا ودبلوماسيا، فكلاهما ضمن التحالف العسكرى ضد الحوثيين فى اليمن.
2 - تخيل أن تحالف دعم الإخوان بقنواتهم التليفزيونية ينتظرون أى قرار للسيسى لينتقدوه من أجل الانتقاد، هو فى نظرهم رئيس انقلابى والجيش فى نظرهم جيش الانقلاب، ولكن بعد عاصفة الحزم، أيد الإخوان اشتراك السيسى فى التحالف، وقالوا نؤيد موقف الرئيس السيسى وتحرك القوات المصرية وقرارها شجاع.
3 - تخيل أن مصر تسعى بعد 30 يونيو لكسب حليف استراتيجى جديد وهو القطب الروسى ضمانا للوصول إلى نقطة اتزان فى العلاقات مع البيت الأبيض، وخاصة بعد أن تأخرت واشنطن فى إمداد القاهرة بالمعنونة العسكرية، ومن ثم كانت الزيارات المتبادلة بين السيسى وبوتين لموسكو والقاهرة من أجل شراكة جديدة، ولكن بعد عاصفة الصحراء، مصر وروسيا ليسا على موقف واحد، مصر تشارك وتؤيد عاصفة الحزم بينما روسيا ترفض وتدين عاصفة الحزم، لأن روسيا لها مصالح مباشرة مع إيران وتقف إلى جوارها فى مشروعها النووى، باعتباره أكثر من يتصدى للولايات المتحدة بالشرق الأوسط.
4 - تجول فى شارع بالمحروسة واسأل أى مواطن عن رأيه بأردوغان، وحتما ستسمع ما لذ وطاب من «الشتائم».. هذا قبل عاصفة الحزم، ولكن بعدها، تخيل أن تركيا أصدرت بيانا يحمل نفس العبارات التى وردت ببيان الخارجية المصرية من تأييد عاصفة الحزم، والوقوف إلى جانب الرئيس الشرعى اليمنى، بما يعنى أن مصر وتركيا يتحالفان استراتيجيا لهدف واحد باليمن، ولو نظمت قمة تضم الدول المؤيدة للتحالف، قد يكون كرسى تركيا إلى جوار كرسى مصر.
5 - تخيل أن حملة شيعية قوية تهاجم الأزهر الشريف، وأن حربا ضروسا بين علماء الأزهر الشريف وعلماء الشيعة، وبيانات وبيانات مضادة، مع الأخذ فى الاعتبار أن مصر كدولة تقف ضد المد الشيعى الذى تسعى إليه إيران عن طريق دعمهم اللوجستى والعسكرى للوحثيين فى اليمن، ولكن موقف مصر من الشيعة قبل عاصفة الحزم يختلف عما بعدها، فمصر تقف ضد شيعة إيران بينما تدعو شيعة سوريا ممثلة فى بشار الأسد إلى بدء حوار جديد مع المعارضة السورية لإنهاء الخلافات على أرض الشام.
6 - اللافت أن معادلة الشرق الأوسط وجغرافيته أيضا تتشكل من جديد بعد عاصفة الحزم، وتلعب لغة المصالح، المقام الأول فى أولويات كل دولة قبل أى تحرك أو اتخاذ أى موقف أو حتى إصدار بيان، نحن أمام دراما جديدة ستنكشف تفاصيلها مستقبلا بتطورات أوضاع الحرب الباردة بين المملكة العربية السعودية وإيران على أرض اليمن.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة