لم أعترض على اسم الدكتور عبد الواحد النبوى حينما أعلنت الحكومة عن اختيارها له خلفا لجابر عصفور، ذلك لأننى على مدى السنوات الأربع الماضية رأيت كيف انحدر دور وزارة الثقافة بسبب غياب الرؤية والاستقرار عن ديوان عام الوزارة، فمن الممكن أن نقول مرتاحين إن وزارة الثقافة هى أولى الوزارات المنكوبة بالثورة، فقد تتابع عليها العديد من الأسماء العابرة، وكانت من أكثر الوزارات التى شهدت لغطا كبيرا حول اسم أى مرشح لها، فمنذ بداية الثورة تعاقب على الوزارة عشرة أسماء قبل «عبد الواحد النبوى»، وفى الحقيقية فإننى قد اتخذت عهدا على نفسى ألا أعارض تعيين وزير إلا بعد فترة كافية من توليه إن كان يستحق المعارضة.
هذا ما فعلته مع جابر عصفور الذى لم أعارضه بكلمة طوال ستة أشهر كاملة برغم أنى أعرف أنه سيخرب وزارة الثقافة منذ اليوم الأول، وسيعيد سياسة الشللية والترضيات والتربيطات مرة أخرى، لكنى مع هذا لم أعارضه إلا حينما تسبب فى أخطاء كارثية ثبت صدقها مع الأيام، فقد عارضت افتتاح المسرح القومى وقلت إن تجهيزاته لم تتم بعد، وهو ما ثبت هذه الأيام حيث أغلقت وزارة الداخلية المسرح لعدم جاهزيته، كما عارضت افتتاح متحف الفن الحديث لذات السبب وهو أيضا ما ثبتت صحته، وقد كنت أنوى أن أتبع نفس السياسة مع الوزير الجديد «عبدالواحد النبوى» لكن ما يحدث فى وزارة الثقافة الآن يجبرنى على تغيير رأيى.
أغرق الوزير وزارته فى الصراعات الداخلية والخلافات التافهة، لم يشغل باله بوضع استراتيجية ثقافية عامة، ولم يفكر حتى فى «تسيير أعمال» الوزارة مثلما فعل سابقوه، ولأنى محسوب على الجماعة الثقافية فى مصر فلم أشأ أن أتهم الوزير فى السابق بما اتهمه غيرى وأن أقول إنه «لا يفقه شيئا فى الثقافة» لكن الأيام أثبتت أن هذه الأزمة ستنعكس بشكل مؤلم على أداء الوزارة، فكل ما يهتم به الوزير الجديد هو دفاتر الحضور والانصراف وترضية من أتوا به إلى الوزارة على حساب الجميع، وللأسف لا يتفوه وزير الثقافة بكلمة عن «الثقافة» إلا فيما ندر، حتى إنه لم يشأ أن يرى لوحات متحف الفن الحديث حينما زار الأوبرا آخر مرة وقال لأحمد عبد الغنى، رئيس قطاع الفنون التشكيلية المستقيل، حينما دعاه لرؤية اللوحات إنه رآها العام الماضى، فى حين أن متحف الفن الحديث كان مغلقا فى العام الماضى، والغريب أن المرة الواحدة التى تكلم الوزير فيها عن الثقافة كانت حينما أراد أن يشرح لقيادات الوزارة سياسته فى المرحلة المقبلة، قائلا لهم إن الثقافة ليست كـ«المحشى نحشى ونغرف على طول» لكنها تحتاج إلى سنوات طويلة عشان تستوى، وهو التشبيه الذى يتسق كثيرا مع تشبيه الرئيس السابق محمد مرسى حينما قال «إن العام معقد كالإسباجتى».