تتنوع الصفات التى اقترنت بالقمة العربية فى دورتها السادسة والعشرين.. إلاّ أنها قطعا لم تخلُ من عنصر المفاجأة للحسابات الإيرانية السياسية التى طالما راهنت على التشتت العربى، إذا لم يتحقق لقمة عربية مسبقا هذا الإجماع العربى على تبنى موقف واحد يتصدى "للتغول" و"التوغل" الإيرانى فى المنطقة العربية.
لم يسبق لخطابات الرئيس الحالى للقمة الرئيس عبد الفتاح السيسى، أن تضمنت كل هذه الرسائل الحازمة تجاه أى دولة كما حذّر من "القوى الإقليمية"- إيران- التى تهدد الأمن القومى العربى.
كما لم تحسب إيران أن يتم هذا التفعيل السريع لملف معاهدة الدفاع العربى المشترك عبر الموافقة الجماعية على تشكيل قوات دفاع عربى مشترك.
التحرك العربى السريع- دبلوماسيا و عسكريا- كان البديل المنطقى أمام التهديدات الإيرانية التى تمددت إلى شبه الجزيرة العربية وأحد أهم شرايين التجارة العالمية – باب المندب- بعدما بسطت سيطرتها على منطقة عرفت قديما بالهلال الخصيب. مقابل موقف أمريكى بدا أشبه براقصة "إستربتيز" محترفة..تخلع كل يوم قطعة من أوراقها السياسية البرّاقة امام آيران لمجرد إتمام الاتفاق النووى بين إيران و مجموعة "5+1" –نسبة لعدد الدول الموقعة- . اتفاقية ثمنها تهميش كل مظاهر النفوذ العربى على دول منطقتهم لصالح "الإمبراطورية" الفارسية التى يحلم حكام آيران باعادة مجدها بعدما اصبح الطريق امامهم ممهدا وسط صفقات و مساومات تلعب فيها آيران دور الشريك مع أمريكا .
لغة الخطابات الرسمية فى القمة بالإضافة إلى صورة الإجماع العربى تعكس بوضوح انه فى مواجهة تحديات تهدد بقاء المنطقة .. تحول تعبير "الوحدة العربية" من مجرد كلمات طواها النسيان فى المتحف السياسى إلى واقع .. بعدما تحول الخطاب العربى إلى ضيغة الفاعل بدلا من المفعول به.
التأكيد على استمرار العمليات العسكرية بمشاركة ودعم عدد من الدول العربية التى أعلنت انضمامها إلى التحالف لا يبدو السلاح الوحيد الذى سيتم تصعيده مستقبلا.. إذ يظهر أحد أهم الملفات أو "الكروت" السياسية التى ينوى التحالف إعادتها إلى بؤرة الاهتمام العالمى والعربى ملف إقليم "الأحواز" العربى أو إقليم عربستان الذى يفوق فى مساحته وتعداد سكانه مساحة العديد من الدول العربية.. هذا الإقليم بكل أهوال ومعاناة سكانه العرب من وحشية وقمع النظام الإيرانى بهدف طمس هويته العربية، ظل ضمن الملفات التى طواها النسيان على مدى عشرات السنين دون أن تحظى بأى اهتمام عربى أو دولى. حاليا هناك مؤشرات قوية على منح الدعم السياسى للشعب الأحوازى عبر مساندة قضيته فى المحافل الدولية والدعم العسكرى لكل المنظمات الأحوازية المقاومة لإلغاء هويته العربية.
أخيرا.. رغم تفاقم الأزمات الاقتصادية التى تعيشها إيران من فقر وبطالة .. بالإضافة إلى استنزاف قواتها العسكرية فى تدخلات على عدة جبهات كالعراق,سوريا, لبنان,اليمن.. يزداد إصرار حكامها على المضى قِدَما فى تلبية الدعوة الأمريكية لاستنزاف موارد إيران الاقتصادية والعسكرية على جبهات الصراع فى سبيل حلم عودة الإمبراطورية الفارسية .. علما أن شراكتها هى مع طرف لا تؤمن سياساته بالأصدقاء أو الأعداء الدائمين .
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة