لأول مرة نسمع على شاشة فضائية مصرية من يجرؤ ويصرح أنه جاء إلى مصر المحروسة من جامعة ويلز البريطانية ليحقق مشروعا هاما متمثلا فى (هدم التراث الإسلامى)، وقد صرح بذلك البحيرى فى إحدى حلقاته جاعلا التشكيك فى كل شىء هو من أول وسائله للوصول لهدفه، فقال ما نصه :
(لابد إذا أردنا هدم هذا الصنم- يقصد التراث- أن نقوم أولا بتشكيك فى كل شىء، ثم نقوم بعده بهدم هذا التراث، لأننى لا أستطيع أن أفعل ذلك الهدم بدون تشكيك لقوته، التى هى كالجبل، إنه موروث من أربعة عشر قرنا، فلا أستطيع هدمه بسهولة لذلك نبدأ بتشكيك العقول، ثم نبيد هذا الجبل إبادة كاملة، هذا مشروعى الذى أتيت به))ُ!!،،
لما سمعت هذا المقطع بصوته، أشفقت على رأس هذا المحارب اللا ذكى، فهو ينطح صخورا صلبه لا نشفق عليها، إنما نشفق على الرأس الناطح وقلت :
( يا ناطح الجبل الأشم برأسه #### رفقا برأسك لا رفقا على الجبل)
من أنت يا مسكين لكى تبيد تراث أمة هى خير أمة أخرجت للناس بنص كتاب رب العالمين؟ من أنت أيها المراهق فكريا لكى تشكك أهل مصر الطيبين، الذين أوصى ببلدهم سيد المرسلين؟ من أنت يا خريج ويلز لكى تنزع هيبة العلماء والفقهاء من قلوب شباب بلد طاهر مبارك نراهم دائما أبدا: أيديهم إلى الخير سبّاقة، أقدامهم عن الشر بطيئة، شباب مصر الكرام الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا، وعلى ربهم يتوكلون، هؤلاء الذين تريد أن تشكك فى تراثهم المتمثل فى سنة النبى الأكرم، وفى كتب التفاسير التى وصلت إليهم من أكابر علماء الأمة لا يمكن أن يستسلموا لك، ولمشروعك، ذلك لأن آباءهم الكرام ما استسلموا لمن هم أكبر منك من مستشرقى يريطانيا، التى أخذت منها شهادتك التى لا يعرفها أحد- وقد فعلوا تجاه تراثنا مشاريع أكبر من مشروعك وفشلوا بامتياز فى ذلك، ولم يستسلموا لمستشرقى فرنسا التى أتت بأكبر حملات تبشرية لمصر، ولم يستطيعوا أن يطمسوا نور تراثنا بكل معداتهم وخيولهم، ولا لمستشرقى روسيا ولا إيطاليا ولا ألمانيا حديثا، بل لم يستطع أن يشككهم فى دينهم وتراثهم أكابر مبشرى الحملات الصليبية، ومن قبلهم التتار أو المغول الذين قطعوا الرقاب، وأبادوا العلماء، ولكنهم لم بستطيعوا أن يبيدوا حب التراث، وسنة النبى من قلوب أبناء الأمة، لذا أقول لمبعوث ويلز: هون على نفسك يا رجل، وابحث لك عن عمل مفيد يكون لك زخرا، ويعطى لوطنك نفعا، لقد أرهقت نفسك، وحملتها فوق طاقتها، ومثلك كمثال الذى يحرث فى الماء، ومشروعك بين أبناء مصر فاشل فاشل يا ولدى، إن القوة التى يحملها تراثنا الإسلامى أقوى من القنابل الذرية، التى سمعت عنها عند الآخرين، فهى تحطم كل معتد أثيم، ولم يكن ذلك بسبب قسوة توجد فى التراث، كما يزعم الزاعمون، بل بسبب كمية السماحة، والوسطية والأخلاقيات المبهرة التى تكمن فى طيات، وصفحات تراثنا الباهر، فتراثنا يا سادة: هو تراث تحاورى، وليس تصادميًا، وهذا هو سر بقائه إلى الآن، وإلى يوم الساعة- إن شاء رب العالمين-، هو تراث يعلم شباب الأمة الرأى والرأى الآخر، ولا يحجر على فكر، ولا يكسر قلما، ولا يقزّم رأيا إلا إذا كان مريضًا، ولو قرأ البحيرى كتابا قديما من كتبنا التى يتهمهما بالتحجر والجمود دائما ما وجد لاتهامه هذا قدم صدق فى هذه الكتب، فمثلا نرى فى كتب التراث كتابا فقهيا فيه المتن، وتحت المتن: الشرح، والحاشية، وهناك نقد من الشارح لصاحب المتن فى الشرح، وهنك تعليق ممن يتتبع الشرح ينتقد فيه ما قاله الشارح فى بعض المواطن، والشروح، وهناك استدراك أو فروض لأسئلة قد تطرح من غير الشارح، أو من غير صاحب الحاشية فيقول مثلا- مفترضا أسئلة لم تفع بعد: (وإذا قيل فى هذه المسألة كذا، قلنا ردا عليه: بكذا))، هكذا نرى حركة فكرية دائبة، فيها أطروحات وردود وافتراضات، ووضع إجابات لها مسبقة فى صيدلية الفكر التراثى، بل نرى أن أكابر الفقهاء العظام، كأبى حنيفة وحواراته مع تلاميذه: (محمد وزفر وأبى يوسف) ويطرح رأيه، ويسمع اعتراضات تلاميذه هؤلاء، وقد يقدم آراءهم على رأيه، إن وجدها أقوى منه، فهل هؤلاء تحارب أفكارهم؟!، وهل تراثنا بهذا الوصف العملى الذى ورثناه عن علمائنا يصح أن يشبهه: إسلام البحيرى بالصنم، ويمسك بفأسه ليحطمه على الرؤوس؟؟ وهل من اللائق أن يسمح إعلامنا بطرح فكر موتور كهذا لا هدف له سوى هز الأمن الفكرى لشبابنا؟ ألا فلنتق الله فى تراثنا، ولنراع المصالح العليا لديننا، وبلادنا، ولينزع المسؤولون السكين المسمومة، التى تريد الغدر بتراثنا العظيم من أى معتد أثيم- اللهم هل بلغت، اللهم فاشهد.
• أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر
الفكر المسموم ، اسلام البحيرى ، التراث الاسلامى ، الله يحفظ القران والسنة بحفظه
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة