إسراء عبد الفتاح

الفاشية المجتمعية

الجمعة، 06 مارس 2015 10:15 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أشعر كأن مجتمعنا المصرى فى الفترة الراهنة يعانى من «الفاشية المجتمعية» بشكل لم يسبق له مثيل.. الفاشية هى وصف لشكل راديكالى من السلطوية، ترى الفاشية فى العنف السياسى والحرب والسطوة طرقًا للوصول للتقدم والنهضة الوطنية، وهذا بالفعل ما يلجأ إليه المجتمع المصرى فى التعبير عن رأيه أو غضبه ضد سياسات داخلية أو خارجية. أقدر غضب الشعب المصرى من سياسات قطر، ودعمها للتطرف والإرهاب، ومواقفها المعادية والمتجاوزة حدود المنطق مع مصر، لكن أرى أنه ليس من الحكمة نهائيًا أن نعكس هذا الغضب فى ألفاظ وهاشتاجات مسيئة ترتفع إلى المراكز الأولى على مواقع التواصل الاجتماعى، فهى تعلن للعالم تربية وأخلاق المصريين، والتى أظن أنها بعيدة كل البعد عما نحاول أن نصدره للعالم. فالهاشتاجات المسيئة تضرنا نحن أكثر من نفعها لنا، واستخدام السب والقذف هو حالة من الإفلاس، ونحن لسنا بمفلسين، لكن نمتلك الحجة والبرهان، فلماذا نلجأ للسب، ولا نسيطر على مشاعر الغضب ونوجهها توجيهًا صحيحًا يخدم قضيتنا، لا يضرها؟!، فهل وصل بنا الحال إلى أننا لا نستطيع فى كتاباتنا ومقالاتنا أن نكتب الوسيلة التى استخدمها المصريون فى رفضهم السياسة القطرية، وأصبحنا نستبدل بها لفظًا مسيئًا؟ هل وصل بنا الحال إلى أننا لا نستطيع أن نفتخر بنضالنا السلمى، وأن نعبر ونفصح عنه فى فعاليات أو نشاطات أو مؤتمرات، ونخجل من ذكره؟، فلا يجوز أن نستخدم السب والقذف فى الكتابات فى الصحف أو فى التعبير فى الوسائل الإعلامية الأخرى، فما من الصحفيين أن وجودوا من لفظ «الهاشتاج المسىء» بديلًا.

فلماذا لم يفكر مستخدمو الهاشتاج المسىء فى استخدام- مثلًا - هاشتاج آخر «قطر تدعم الإرهاب»! وأن ينشروا بالأدلة والبراهين مواقف قطر من 2013 حتى الآن؟! لماذا لم يستخدموا الفيديوهات التى استخدمها الإعلامى خيرى رمضان فى برنامجه «ممكن» لفضح دعم قطر للإرهاب، والتى قدمتها وكالات أنباء عالمية! فاعتقادى أن هذه الفيديوهات هى أبرك مليون مرة وأصدق وأسلم من أى هاشتاجات مسيئة، ونستطيع بكل فخر أن نعلن عنها، وأن نقول للعالم نحن نستخدم العقل والمنطق قبل الغضب والسب، فهدفنا وطن وليس فقط إفراز حالة من الغضب تنتهى بانتهاء تغريدات السب والقذف.

ونفس اللفظ المسىء المستخدم فى الهاشتاج ضد قطر، والذى استخدمه بشكل أكبر الفصيل الداعم لسياسات الدولة الحالية، استخدمه أيضًا بشكل أكبر الفصيل المعارض عندما عبر بنفس اللفظ، ولكن المذكر منه رفضه ظهور أحمد عز على شاشات التليفزيون، والذى وصل لمركز متقدم على مواقع التواصل الاجتماعى فى أقل من ساعة على انطلاقه! لنعلن أن الشعب المصرى باختلاف فصائله الآن يجد غايته فى النضال فى الهاشتاجات المسيئة.

فالكل يعلم ما يمثله أحمد عز لى ولكثيرين من المواطنين، وأن ظهوره كان بمثابة استفزاز لنا ولمشاعرنا، ولكن لنفس الأسباب التى ذكرتها آنفًا أعترض على استخدام هذه الفاشية اللفظية، وأرى أنه من الأفضل مثلًا أن نعلن غضبنا من ظهوره بـ«ضد من أفسد مصر» كمثال، لكن هناك الكثير من الألفاظ الأعمق تأثيرًا، والأبعد من الإساءة لنا.

الفاشية المجتمعية تعدت الألفاظ، ووصلت للأفعال، وذلك كان جليًا فى الانتقام من «كلب» وتعذيبه وذبحه بأقصى معانى انعدام الإنسانية، ونرى تراجعًا لهذه الفاشية فى التعاطف الرائع غير المسبق الذى نشره المصريون مع هذا الكلب، ونشرهم قصته، واهتمام الإعلام المرئى بالحالة، والذى كان مؤشرًا قويًا رائعًا لضرورة الرفق بالحيوان، وتصريح وزارة الداخلية لمظاهرة للتنديد بتعذيب الكلب، والقبض على مجرمى تعذيب الكلب أيضًا مؤشرات غير مسبوقة بالتصدى لأى حالات تعذيب ضد الحيوانات!
وتقف الفاشية متعجبة متحيرة، وينتحر المنطق أمام تناقض ردود الأفعال المجتمعية بين تعذيب كلب، وتعذيب إنسان فى قسم المطرية، ليس حالة واحدة بل حالات مختلفة، فقد أخذ «الكلب» نصيب الأسد من التعاطف الذى لم نشهده فى حالات تعذيب قسم المطرية، حتى لو كانوا إرهابيين، فالإرهابيون يعدمون بالقانون، أو تتم تصفيتهم فى حالة التلبس، لا تقطع ألسنتهم وتتحول أماكن احتجازهم لسلخانات تعذيب!
وسط صمت مجتمعى وإعلامى- إلا من رحم ربى- مرعب برغم القبض على ضباط متورطين بالتعذيب وحبسهم! فيا للعجب العجاب!
الفاشية المجتمعية التى تنتشر حاليًا، وتتوغل فى سلوكنا، وردود أفعالنا هى للأسف نتاج لإعلام فاشىّ عمل على نشر الكراهية، والتحريض منذ 30 يونيو 2013 حتى الآن.

وإذا لم يتم التصدى للفاشية الإعلامية التى للأسف انعكست كل الانعكاس على المجتمع المصرى، فالعواقب ستكون وخيمة والبوادر ظهرت، والصمت والتجاهل الحكومى اشتراك فى الجريمة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة