شاهد الناس بالصوت والصورة محمود رمضان يرفع راية القاعدة السوداء ويلقى بالأطفال من سطوح المنازل ليقتلهم، كان الأمر بالصوت والصورة، ولم يكن الأمر درسا فى الطيران. انتشر الفيديو، واختفى الإرهابى فى محافظة كفر الشيخ بعد أن تخلص من لحيته، حتى تم القبض عليه واعترف بالقتل، وزاد أنه ندم على فعلته وتذكر الطفل وهو يستجديه بقوله «ياشيخ حرام عليك».
بعد القبض على القاتل وزملائه، خرجت جماعة الإخوان كعادتها لتعلن أن القاتل عضو بالحزب الوطنى وأنه عميل أمن، مدسوس لتشويه صورة الإرهاب الجميل. ومرت الأيام وخضع محمود للمحاكمة، وأدين بالقتل مع سبق الإصرار والترصد، صدر ضده حكم بالإعدام، وتقدم محاموه لمحكمة النقض، وتم رفض النقض وأيدت المحكمة الحكم.
وعند الإعلان عن تنفيذ الحكم، وبقدرة قادر تحول محمود من عميل حزب وطنى وأمن، على أحد كبار المعارضين وأصحاب الرأى وأنه يستحق الحرية، لكونه كان قاتلا يعبر عن رأيه. وخرجت قناة الجزيرة لتعلن أن محمود كان يعبر عن رأيه وأن إلقاء الأطفال كان بديلا عن إلقاء الخطب. وزادت «الجزيرة» لتؤكد أن مصر تعدم «أول معارض للانقلاب» لتكشف لأول مرة عن كون إلقاء الأطفال من الأسطح وقتلهم معارضة سياسية.
وبنفس الجرأة كانت آراء قيادات جماعة الإخوان، وخبراء قنواتهم التركية، خرج القيادى الإخوانى جمال حشمت ليؤكد أن محمود شهيد، ومن خلفه كان عشرات بل إنهم اخترعوا هاشتاجات وبوستات على صفحاتهم، بتويتر وفيسبوك.
لم تكن الآراء غريبة على جماعة الإخوان التى تحتفى بالتفجيرات والقتل وتخريب أبراج الكهرباء، بل ويحتفون بعمليات الإرهاب وربما يعتبرون داعش هى الأخرى من أنصار حرية الرأى والتعبير.
جماعة الإخوان تكشف بهذا عن إيمان راسخ بالإرهاب، باعتباره من طرق التغيير «السلمى»، وهو أمر يستدعى إعادة النظر فى تاريخ الجماعة وكل من حصل على لقب شهيد وكان يمارس القتل السلمى، ونفس الأمر عن ادعاءات السلمية المسلحة فى «رابعة»، حيث السلاح والتهديدات والجثث وحتى تاريخهم المكتوب والمسموع والمشموم الذى يحول الإرهابيين إلى أبطال والقتلة إلى مناضلين. وإذا كان هذا هو حال الإخوان، فالدهشة تأتى من انضمام طواقم منظمات حقوقية تخلط بين حقوق الإنسان، وحقوق الإرهاب، ومنهم من سار وراء الجماعة فى اعتبار قاتل الأطفال ناشطا سياسيا وحقوقيا. متجاهلين أن هناك أطفالا تم إلقاؤهم من السطوح وقتلهم، هذا الاهتمام بحقوق القتلة يبدو ضمن فرع حقوقى جديد، فى زمن الإرهاب السلمى الوسطى.