كمال حبيب

الخطاب الدينى والاجتهاد والتجديد

الإثنين، 09 مارس 2015 11:06 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يحتاج خطابنا الدينى لاجتهاد وتجديد، ذلك أن العالم يتطور بسرعة مذهلة تحتاج منا إلى اجتهاد يتابع تلك التطورات، كما أن هناك تحديات جديدة لم تكن من قبل يواجهها العالم العربى والإسلامى من أهمها على الإطلاق تلك الجماعات التى استأثرت الإسلام لنفسها واختطفته واتخذته عنوانا لجناحها والسلوك الإجرامى للمنتسبين إليها. واجه العالم الإسلامى فى مرحلة من المراحل مشكلات الاستعمار وسطوة التغريب وتحدى العلمانية الغربية واحتلال العالم الإسلامى من قبل القوى الاستعمارية فظهرت الحركات المقاومة للاستعمار والدعوات المنادية بتحرير أراضى المسلمين من بين تلك الدعوات كانت السنوسية والمهدية وحركة عبدالقادر الجزائرى فى الجزائر وصيحات جمال الدين الأفغانى للدعوة لمقاومة الاستعمار فى مصر، وفى فترة من الفترات ظهر تحدى الخرافة والتواكل والاحتجاج بالقدر فكانت دعوة الشيخ محمد عبده للتوحيد الخالص دون واسطة بين العبد وربه، كما اهتم الإمام بتطوير مؤسسات الأزهر والقضاء والإصلاح الداخلى للنفس والمجتمع، ومن بعده جاء تلميذه محمد رشيد رضا الذى دعا إلى الإسلام كما عبر عنه السلف الصالح نقيا من شوائب الصوفية والخرافة، وتابع دعوة شيخه وجمع تراثه واستكمال ما كان قد بدأه من تفسير القرآن الكريم، وأسس مجلة المنار، واهتم كلاهما بالتعليم واعتباره السبيل لإصلاح الأمة ونهضتها.

اليوم يواجه العالم الإسلامى تحديات لا تأتى من الخارج، وإنما تأتى من داخله متمثلة فى صعود صيحات التكفير للمسلمين واستخدام القتل والقتال فى مواجهة عالم الإسلام وليس فى مواجهة العالم الغربى، وهذه الدعوات تلتحف بعناوين السلفية والجهاد ولا هى تعبير عن سلفية ولا جهاد وإنما هى تعبير عن نزعات فوضوية أقرب لحركات التمرد والجناح التى عرفها العالم الإسلامى كحركات الخوارج والقرامطة وكالجماعات التى ظهرت حديثا وتأثرت بتلك الدعوات كجماعة التكفير والهجرة والتى تشبهها كثيرا جماعة بوكو حرام النشطة فى نيجيريا وغرب أفريقيا.

يظن بعض المبددين أن تجديد خطابنا الدينى يفترض أن نحطم ما لدينا من علوم دينية وشرعية وهؤلاء يرفعون عقيرتهم بين الحين والآخر للهجوم على علوم عزيزة علينا كعلم الحديث الذى تعد قواعده آيه فى الإعجاز والدقة والموضوعية، وهؤلاء يبدون كمن كان لديه شىء ثمين أصابه بعض التلف فظن أن التخلص منه سيوفر عليه مئونة العمل على إصلاحه فتخلص منه، ولما تخلص منه وجد نفسه بلا قيمه، إذا اتجه هؤلاء أولا لتحطيم ما نملك من علوم فى كل المجالات خاصة العلوم الشرعية ماذا سيتبقى لدينا إذن ؟ وهل سنبدأ نحن من الصفر؟

المجددون هم الذين لا يتخلصون من الآثار الثمينة التى خلفها لهم أجدادهم، بل يحافظون عليها ويراجعونها ويصلحون ما يكون قد علق بها.

الاجتهاد والتجديد للخطاب الدينى يحتاج أهل الاجتهاد والتجديد، فالدين علم وتخصص وعلومه كلها علوم متخصصة ولها مصطلحاتها وفنونها وخفاياها بحيث لا يقحم نفسه فى ذلك المجال إلا من كان لديه تخصص فيه، التطرف ينتجه المبددون أولئك الذين يتصورون أن الجهد الذى يجب أن نبذله لتجديد الخطاب الدينى علينا أن نوجهه لهدم الدين نفسه وهدم علوم الشريعة، هؤلاء سيقودون إلى إنتاج متطرفين ودواعش جدد، نحن فى غنى عن أن نعطى علوم الدين للمخربين والمبددين وعلى الأزهر ورجاله أن يقوموا بالبيان والتجديد الذى فرضه الله عليهم.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة