علا الشافعى تكتب: فى يوم المرأة العالمى.. هل تستسلم مبدعات السينما أمام «سوق الرجال»؟.. المرأة كانت سباقة للعمل فى مجالى الإخراج والإنتاج والآن أصبحت تعانى تراجعًا كبيرًا

الإثنين، 09 مارس 2015 10:04 ص
علا الشافعى تكتب: فى يوم المرأة العالمى.. هل تستسلم مبدعات السينما أمام «سوق الرجال»؟.. المرأة كانت سباقة للعمل فى مجالى الإخراج والإنتاج والآن أصبحت تعانى تراجعًا كبيرًا علا الشافعى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

12 مخرجة عملن فى مهنة الإخراج السينمائى خلال عشرينيات القرن الماضى.. والسبعينات أكثر فترة شهدت تراجعًا



نادية حمزة من القليلات اللواتى دافعن بقوة عن قضايا المرأة.. وإيناس الدغيدى الأكثر جرأة


يبدو أن كل ما تبقى للمرأة المصرية هو "الاحتفال الشكلى" بيوم المرأة العالمى، وذلك فى ظل تراجع المكانة الفعلية للمرأة فى المجتمع، فكل شىء يخضع للشكل الظاهرى أكثر من الواقع الموضوعى، حيث تدفع المرأة المصرية ثمنًا واضحًا وأكيدًا لتخلف الخطاب الدينى وتراجعه منذ فترة المد الوهابى وحتى الآن، كما تدفع أيضًا ثمن التخلف المجتمعى والتهميش بشكل عام.

الفن فى حد ذاته يعكس تلك الصورة بشكل أو بآخر، فالمرأة المصرية التى كانت سباقة للعمل فى مجال الإبداع ووقفت جنبا إلى جنب بجوار الرجل، ونافسته، أصبحت الآن تعانى تراجعًا فى عدد العاملات فى مهنة الإخراج والإنتاج، وذلك قياسًا إلى الدول العربية التى تشهد سنويًا زيادة فى أعدادهن، ورغم أن هناك عددا معقولا من خريجات المعهد العالى للسينما واللاتى يقدمن تجارب مبشرة، إلا أن استمرارية المرأة فى مجال الإخراج والإنتاج، بات مشكلة حقيقية فى ظل تردى الوضع الاجتماعى وسيطرة المنطق الذكورى فى العقل حتى لو تم الادعاء بعكس ذلك.

بنظرة إلى الوراء نجد أن السينما المصرية كانت سباقة فى هذا المجال، وربما يعود ذلك إلى البدايات المبكرة لفن السينما فى مصر، ولاحتكاكها بالثقافة الأوروبية فى ذلك الوقت، فالمرأة المصرية التى خرجت جنبًا إلى جنب مع الرجل فى مظاهرات ثورة ١٩١٩ وهى مرتدية «اليشمك» تزامنا مع دعوات قاسم أمين، لم يكن غريبًا عليها أن تقف مع الرجل فى مهنة الإخراج.

وضمت القائمة فى تلك الفترة أكثر من ١٢ مخرجة ابتداء من عزيزة أمير (١٩٠١) التى أخرجت فيلمين هما «بنت النيل» و «كفرى عن خطيئتك»، وعبرت فيهما عن قوة التقاليد والقهر الاجتماعى الذى تعانيه المرأة، وصولًا إلى أمينة محمد وفاطمة رشدى وبهيجة حافظ.

لكن شيئًا فشيئا راح عدد النساء المخرجات يتقلص، وقد تكون السبعينات هى الفترة الأكثر تراجعا فى تاريخ المرأة -المخرجة، حيث اكتفت النساء العاملات فى السينما بالتمثيل والإنتاج (آسيا ومارى كوينى) أو العمل فى غرفة المونتاج (رشيدة عبدالسلام ونادية شكرى) إلى أن ظهرت المخرجة نادية حمزة وقدمت فى الثمانينات عشرة أفلام تحمل اسم "النساء".

وبغض النظر عن التقويم الفنى لتجارب نادية حمزة فهى من القليلات اللواتى دافعن بقوة عن قضايا المرأة، وإن كانت المعالجات تتم غالبا فى شكل ميلودرامى، ومن أفلامها «النســـاء» (١٩٨٥)، «نســـاء خلف القضبان» (١٩٨٦)، «حقد المرأة» و «القانون امرأة للأســـف» (١٩٨٨)... وفى تلك الفترة أخرجت نادية سالم فيلما بعنوان «بواب العمارة»، وقدمت المخرجة الراحلة أسماء البكرى - التى تخرجت من مدرسة يوسف شاهين - فى أفلامها نماذج للمرأة المقهورة ضحية الظروف والرجل وقسوة المجتمع، ثم كان الظهور القوى للمخرجة الأكثر ً جدلا فى السينما المصرية وهى إيناس الدغيدى التى عملت لفترة كمساعد مخرج لمجموعة من أهم المخرجين فى السينما المصرية مثل صلاح أبو سيف، حسن الإمام، بركات، كمال الشيخ وأشرف فهمى.

بدايات الدغيدى مع الإخراج كانت من خلال فيلم «عفوا أيها القانون» (عام ١٩٨٥) وتوالت الأعمال من «امرأة من زمن الممنوع» و«لحم رخيص». وعلى رغم بداية إيناس الدغيدى القوية، إلا أنها أصبحت تستسلم لقوانين السوق السينمائى وتعمل على زيادة المشاهد الجريئة فى أفلامها، من خلال معالجة سطحية لقضايا مهمة، ويتضح هذا الاستنتاج فى أفلام مثل «دانتيللا»، «كلام الليـــل»، «مذكرات مراهقة»، و«الباحثات عن الحرية.

و رغم الاختلاف حول القيمة الفنية لأعمال إيناس الدغيدى فستظل بجرأتها وآرائها حالة خاصة بين المخرجات فى السينما العربية، وهو ما جعل المتطرفين يضعونها على قائمة الاغتيالات، فى فترة المد الدينى منذ آواخر الثمانينات وأوائل التسعينات ويكفى أنها قدمت مجموعة كبيرة من الأعمال الجريئة فى ظل سيادة التطرف فى المجتمع المصرى.

وواضح أن نموذج المخرجة إيناس الدغيدى، تلك المرأة المثيرة للجدل صاحبة الشخصية القوية، أصبح بمثابة «البعبع» الذى يخيف منتجى السينما المصرية، والدليل على ذلك هو أن الدغيدى ومن خلال شركتها الانتاجية «فايف ستارز» أصبحت هى المنتجة لكل أفلامها.

أما فى منتصف التســـعينات وبعد النجاح الذى حققه فيلم «إسماعيلية رايح جاى» فأصبح عمل المرأة فى مهنة الإخراج السينمائى ضربا من الخيال خصوصا مع سيطرة «النجم» والفكر المحافظ وظهور مسميات مثل السينما النظيفة وفن الأسرة، على رغم وجود الكثير من الموهوبات ممن تخرجن من المعهد العالى للسينما فى تلك الفترة ومنهم ساندرا نشأت، التى قدمت مشروع تخرج لفت إليها الأنظار بعنوان «آخر شقاء»، ثم عملت مساعدة للمخرج سمير سيف فى فيلميه «المولد» و «الراقصة والسياسى» ومساعدة للمخرج يسرى نصر الله فى فيلمه «مرسيدس» وقدمت فيلما ً تسجيليا عن المونتير الأشهر والأهم فى السينما المصرية كمال أبو العلا فى عام ١٩٩٨ أنجزت نشأت فيلمها الروائى الطويل الأول «مبروك وبلبل» الذى نالت عنه جائزة أفضل إخراج فى مهرجان الإسكندرية، ثم توالت تجاربها الإخراجية، والتى تنتمى كلها فى السينما التجارية، لذلك تختلف تجربة ساندرا عن سابقتها فى مسألة اهتمامهـــا بقضايا المرأة، إذ يمكن أن نطلق عليها اسم «مخرجة استوديو» كون همها طرح نفسها فى السوق السينمائى من طريق تقديم ألوان سينمائية مختلفة، مثل الرومانسى والكوميدى والأكشن، كما ظهر فى أفلامها «حرامية فـــى كى جى تو»، «ليه خلتنى أحبك»، «حرامية فى تايلاند»، «ملاكى اسكندرية،والمصلحة ».

أما المخرجة هالة خليل - والتى تخرجت أيضا من المعهد العالى للسينما فى التسعينات - لم تحصل على فرصة إخراج عملها الأول إلا بصعوبة شديدة خصوصا أن هالة كانت تصر على تقديم عمل سينمائى مختلف عما تشهده السوق السينمائية تماما مثلما جاء فيلمها الروائى المتوسط «طيرى يا طيارة» وهو من أجمل الأفلام التى تتناول المشاعر النسائية فى مرحلة المراهقة، ثم كان لها ما تريد سنة ٢٠٠٣ حيـــن انجزت فيلم «أحلـــى الأوقات» مع المنتج محمد العدل، وهو الفيلم الذى لاقى نجاحًا جماهيريا ونقديًا وحصد الكثير من الجوائز فى المهرجانات المصرية والعربية، وتركز هالة خليل على المرأة فى أفلامها، وتحديدا على المشاعر التى تبدو بسيطة لكنها فى الحقيقة أكثر تعقيدا من سواها من المشاعر، وهذا ما سيتضح فى فيلمها الثانى «قص ولـــزق».

أمـــا المخرجـــة الثالثة والتى لمعت منذ مشروع تخرجها وفيلمها الروائى القصير «قطار السادسة والنصف» فهى كاملة أبو ذكرى، التى قدمت حتى الآن ثلاث تجارب، أولها «سنة أولى نصب»، والذى كان فيلما تجاريا عملت من خلاله كاملة على طرح اسمها كمخرجـــة متميزة تملك أدواتها الفنية فى السوق السينمائية، ومن بعده قدمت فيلمها الأكثر تماسكا «ملك وكتابة» الذى حصد بعض الجوائز فى مهرجان الاسكندرية وغيره، ثم جاء فيلمها «العشق والهوى» ، وأخيرا فيلمها المميز والذى مثل مصر فى الكثير من المحافل الدولية "واحد صفر"، ومشروعها الذى لم يكتمل "يوم للستات" حيث انشغلت كاملة فى الدراما التليفزيونية ورغـــم أن هناك العديد من المخرجات اللواتى يعملن كمساعدات للإخراج أو أتيحت لهن تقديم مشاريع أفلام قصيرة أو تجارب روائية أولى تم إنتاجها من خلال ميزانيات متوسطة وتنتمى أفلامهن إلى ما يعرف بالسينما المستقلة إلا أنهن مازلن يقفن فى طابور الانتظار ويحلمن بتجاربهن الجديدة مثل هالة جلال وهالـــة لطفى ونوارة مراد نادين خان ومريم أبو عوف وغادة سليم وإيمان حداد وغيرهن كثيرات .








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة