هل تصدق أن حجم الأموال غير الرسمية التى تذهب إلى جيوب «أباطرة الظلام» وبعيدا عن خزينة الدولة فى مصر تقدر بحوالى 2،2 تريليون جنيه، وللعلم والتذكرة فقط، فالتريليون يساوى ألف مليار.
هذه الأموال هى حجم الاقتصاد الأسود أو كما يطلق عليه الخبراء والمتخصصون تهذيبا «الاقتصاد الموازى» للاقتصاد الرسمى فى الدولة، وهو اقتصاد أسود بالفعل، لأنه يتم بعيدا عن آليات الدولة الشرعية ولا تستفيد منه الخزينة العامة وهى ظاهرة ربما تنفرد بها مصر مع عدد من دول العالم الثالث التى تغيب فيها الرقابة عن جميع مظاهر النشاط الاقتصادى فى الدولة، وبالتالى ينشأ هذا الاقتصاد الموازى الذى يتجاوز فى حجم أمواله الميزانية العامة للدولة.
النشأة كانت مع الانفتاح «السداح مداح» الذى أعلن عنه الرئيس الراحل أنور السادات، الله يرحمه، وتخلى الدولة عن مسؤولياتها فى التخطيط والتنظيم والرقابة، وتضخمت الظاهرة مع استمرار النهج الاقتصادى المشوه فى الثمانينيات وما بعدها حتى وصلنا إلى ظاهرة عبثية أصبحت هى القاعدة، والاقتصاد الرسمى الضعيف هو الاستثناء..!
الرقم المهول لحجم الاقتصاد الأسود فى مصر جاء فى دراسة لاتحاد الصناعات المصرى مقدمة للحكومة المصرية لسرعة معالجة هذا التشوه الضخم ووضع سياسات واتخاذ قرارات لتحجيمه وتطويعه لإدخاله فى شرايين ومسارات الاقتصاد الرسمى، وهذا هو المطلوب الآن من المهندس إبراهيم محلب رئيس الحكومة، فخزينة الدولة بسبب هذه الأموال يضيع عليها حوالى 330 مليار جنيه قيمة الضرائب المهدرة والضائعة. المسألة تحتاج إلى إرادة حكومية واضحة لتعديل مسار هذه الأموال من جيوب حيتان الاقتصاد العشوائى إلى اتجاه خزينة الدولة، ليستفيد منها الاقتصاد المصرى الرسمى.
من يصدق مثلا، وكما جاء فى الدراسة، أن فى مصر 47 ألف مصنع «بير سلم» يعملون خارج مظلة الاقتصاد الرسمى، و1200 سوق عشوائى منتشرة بمحافظات الجمهورية، و8 ملايين بائع جائل يتحكم فيهم أباطرة السوق الموازى من المهربين، وأصحاب مصانع بئر السلم. بل هناك كارثة أخرى تعكس مدى الترهل والضعف فى الجهاز الحكومى البيروقراطى وهى وجود 25 مليون عقار فى مصر قيمتها 2،4 تريليون جنيه، لم يتم تسجيل سوى 8% فقط والباقى أموال ضائعة على الدولة. هل قرأ معالى رئيس الوزراء إبراهيم محلب هذه الدراسة؟، وما رد فعله على حجم الأموال المهدرة بسبب الاقتصاد الأسود فى مصر؟