خروج اليمن من أزمته مرهون بالقضاء على الشاويش المتآمر على عبدالله صالح، فهو رأس الحية وخائن شعبه، ودفعه جنون السلطة إلى عقد صفقات الشيطان مع كل الأطراف، متوهمًا أن عرش اليمن الحزين ينتظر ابنه، ولو كان ذلك على حساب إشعال فتيل الفتن والحرب الأهلية، وسقوط آلاف الضحايا، وإسالة بحور من الدماء.. كل ذلك لا يعنيه، واختار الخروج فى نعش، بعد أن وفرت له دول الخليج- وعلى رأسها السعودية- الحماية والرعاية والخروج الآمن، وحصنته ضد الملاحقة القضائية، رغم تاريخه الدموى المشين منذ أن تولى الحكم لمدة 33 عامًا حتى الآن.. سفاح اليمن ليس له عهد ولا وعد، ولم يجد حرجًا وهو يطرح مساوماته الرخيصة، مناشدًا المملكة العربية السعودية بوقف «عاصفة الحزم» مقابل عدم ترشحه وأفراد عائلته للرئاسة، وأرسل ابنه العقيد أحمد إلى السعودية، عارضًا مبادرة الخيانة، وبقتضاها يبيع حلفاءه الحوثيين، ويعلن الحرب عليهم، بشرط أن تتدخل السعودية لدى الولايات المتحده لإلغاء قرار منعه من السفر، وفك الحظر الدولى المفروض على أمواله وممتلكاته وأفراد عائلته، ومنع ملاحقته قضائيًا إزاء الجرائم التى ارتكبها إبان توليه السلطة وبعد رحيله عنها، متوهمًا أن السعوديين سوف يلدغون من جحر خيانته مرتين وثلاثًا وعشرًا، وكان الرد الحاسم هو انطلاق الموجة الأولى من «عاصفة الحزم»، لتدك قواته ومعسكراته، إيذانًا ببدء مرحلة العقاب المستحق.
سفاح اليمن الحزين هو الذى جعل لإيران موطئ قدم فى بلاده، وما أدراك ما إيران حين تتسلل كخيوط العنكبوت حتى تطبق الخناق على ضحاياها، ضاربًا عرض الحائط بالمخاوف الخليجية إزاء توغل المد الشيعى فى المنطقة، وتهديد أمن الدول والشعوب واستقرارها، وتهيئة المسرح لحروب دينية لا تهدأ نارها، ولا يعلم أحد إلا الله مداها، فحكم على نفسه وشعبه بالشقاء والفقر والجوع والمرض والقتل، ونهب ثروات بلاده، وبدد مستقبل شعبه، وسلح القبائل والعشائر والتنظيمات الإرهابية، وطبق سياسة فرق تسد حتى يظل اللاعب الوحيد المتحكم فى خيوط الصراع، ولم يرق فى يوم من الأيام إلى سلوكيات الحكام الذين يحافظون على أوطانهم وسلامة شعوبهم، حتى دارت عليه الدوائر.
اليمن الآن يصرخ ويئن، واليمنيون صاروا من الشعوب المعذبة فى الأرض، وأقرب إلى المشردين السوريين الهائمين على وجوههم فى خيام اللاجئين الحدودية، يتسولون الكساء ولقمة العيش فرارًا من جحيم الوطن، وبات التخلص من الكابوس مرهونًا بالقضاء على هذا الخائن وفلوله وذيوله، والسعى بأقصى سرعة إلى استعادة الشرعية، وإعادة رئيس المهجر إلى قصر الحكم، وبدء المرحلة الأكثر صعوبة لجمع أسلحة المتحاربين، وكبح جماع إيران، ووقف التمدد الشيعى، وتقوية الجيش اليمنى الواحد الموحد، ليكون قادرًا على حماية أمن واستقرار بلاده فى الداخل والخارج.
غير ذلك فشبح الحرب الأهلية سوف يحرق الأخضر واليابس، ويدمر البقية الباقية من بلد كان يحمل لقب «سعيد» فصار حزينًا، وغير ذلك فسوف تكون بداية الحرب العالمية الثالثة فى ثوبها الجديد من هذه المنطقة، فأمن السعودية ودول الخليج يرتبط بشدة بما يجرى فى اليمن، وأمن مصر يمتد إلى تأمين الملاحة فى باب المندب، وأمن العرب جميعًا مرهون بوقف الأطماع الإيرانية الفارسية التى لا تقف عند حد، ولأن الخطر يهدد الجميع، ولم تعد دولة عربية بمنأى عنه، خرجت قمة شرم الشيخ لأول مرة فى تاريخ القمم العربية بقرار جيش الردع العربى، ولم يحدث ذلك حين كانت إسرائيل تعتدى وتعربد وتنتهك حرمة القدس، وهذا معناه أن الخطر الداهم لم يصل إلى بيوتنا فقط، بل دخل غرف نومنا، وأنه حانت لخطة الدفاع عن الشرف والكرامة والكبرياء العربى.