من حكايات زمن حكم مبارك، أنه كان يحدث بين الحين والآخر حوار مع المعارضة، وكان الوزير الراحل كمال الشاذلى هو مهندسها وقت أن كان هو العقل المهيمن على الحزب الوطنى، ولما آلت الهيمنة على الحزب لجمال مبارك وفريقه الجديد، الذى التحق به صفوت الشريف، استمرت حكاية الحوار مع المعارضة، وفى زمن «الشاذلى»، وفى زمن «جمال مبارك»، لم تخرج هذه الحوارات عن «شرب الشاى» وتبادل القفشات، وإطلاق بعض التصريحات الإعلامية عن الديمقراطية التى تعيشها مصر، ومن شواهدها هذه الحوارات التى تجلس فيها الحكومة مع المعارضة، والأغلبية ممثلة فى الحزب الوطنى مع الأقلية الممثلة فى أحزاب المعارضة.
كانت هذه النوعية من الحوارات تعبيراً عن احتقار الحكومة التى هى حكومة الحزب الوطنى للمعارضة، لسبب بسيط أنه لم يكن يتم الالتفات إلى أى رأى تقوله المعارضة مهما كانت إيجابيته، وأن ما تنوى الحكومة فعله تفعله، وبالتالى كان الحوار كله يتم كنوع من الدعاية والإثبات للناس بحسن النوايا، وأن الحكومة تضطر إلى عدم الأخذ بآراء المعارضة لأنه ليس لديها جديد تقدمه.
أقول ذلك بمناسبة الحوارات التى جرت فى الأيام الماضية بين المهندس إبراهيم محلب والأحزاب، لمناقشة التعديلات على قوانين الانتخابات بعد حكم المحكمة الدستورية بعدم دستوريتها، وطبقا لمجريات هذه الحوارات فإنه لا تختلف فى مضمونها عما كان يحدث من حوارات مماثلة فى زمن مبارك، والمسؤولية فى ذلك لا تقع على الحكومة وحدها، وإنما تتحملها الأحزاب أيضا، ففوق أنه لا أحد يعرف ماذا تريد الحكومة بالضبط من هذه الحوارات، لا توجد استراتيجية موحدة للأحزاب فى مطالبها، ولا تلوح بأى أوراق ضغط فى يديها، وبناء على ذلك تنفذ الحكومة مخططها كما ترسمه مسبقا.
سمعنا من رئيس الحكومة أن الجولة الأولى من الانتخابات ستجرى قبل شهر رمضان، وقال عضو فى اللجنة العليا للانتخابات إنه يستحيل ذلك، وقيل إنه سيتم الأخذ برأى رفع عدد القوائم إلى ثمانية، ثم قيل إنه يستحيل ذلك، وعلى نفس الدرجة من طرح أى كلام فى أى كلام تسير الأوضاع، فلماذا إذن تتم هذه الحوارات؟
القيمة الكبرى لأى حوارات بين أطراف العملية السياسية، تكمن فى أن تسفر على نتائج مفيدة ومثمرة لصالح العام، ومادام لا يحدث ذلك فنحن أمام حوارات لا تختلف عن حوارات زمن مبارك.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة