أكرم القصاص

«سيلفى» دائما وفوق الجميع!

الإثنين، 13 أبريل 2015 07:20 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لوحة كانت معبرة تماما عما يحدث لنا وبنا ومعنا. كان قط قد التقط فأرا فى فمه، وباقى زملائه الفئران يقفون بعضهم يصور الحدث، والبعض الآخر يلتقط سيلفى مع القط، وفى فمه زميل الفأر الباحث عن السيلفى. الفنان الذى رسمها كان يعبر عن أحوالنا، فظاهرة الصور السيلفى أصبحت هى البطل هذه الأيام، ونظنها سوف تختفى لتحل محلها تفاصيل جديدة من ثورة معلومات واتصالات لا نهائية.

كان الموبايل أبو كاميرا أحد أهم عناصر ثورة غيرت سلوكنا الإنسانى، أضعاف ما فعلت الميديا وأداوات التواصل. وأحيانا يكون البحث عن السيلفى أهم من متعة الزيارة أو الرحلة. إنه عصر الصورة بامتياز، وإذا وقع حادث سيارة فإن الزحام ليس منافسة بين من يريدون الإنقاذ، ولكن السيارات التى تبطئ لتصور الحادث والضحايا، وتنشر مع مصمصات، أو من يلتقطون السيلفى مع الحادث كأنهم يخلدون أنفسهم مع «مصيبة»، ولم يعد أحد ينتظر الصحافة لتنشر، ولديه إدوات النشر من فيس بوك وتويتر ويوتيوب.

وهى حسابات تتيح للواحد أن يكون معروضا على العالم خلال ثوان، لكنها تصبح أحيانا غاية وليست وسيلة، فالبعض، يتخذ من فيس بوك حائط مبكى ضخما، ينشر عليه اكتئابه ومشاعره السلبية، وغضبه وحنقه، أو ينشر كل لحظة موقفا ومشاعر، وكأنه يغير ملابسه أمام الجمهور. ولا يفعل ذلك على صفحته الشخصية، لكنه يشرك كل من معه، برضاهم أو «غصبا عنهم»، وسيفترض على كل من يرى مشاعر الأخ أو الأخت أن يبدى موقفا بالتعاطف أو التعليق على مجرد واحد حاسس إنه فاضى. والأمر ليس شرا كله، ففى كثير من الأحيان تطمئن على أصدقائك فى سفرهم من صورهم السيلفى مع أصدقاء مشتركين أو فى زيارات، لكنها كثيرا ما تصبح غاية المرام من الفيس والتويتر والتيوب، ممن يحولون الحوائط لأنفسهم أو غيرهم إلى أماكن لقضاء المشاعر من دون اعتبار لغيرهم، خصوصا لو كان هؤلاء من ذوى الكآبة فهم يركزون بمشاعرهم السلبية ويصرون على نقل كآبتهم لغيرهم وفرضها عليهم. وحتى هؤلاء يحولون الصور السيلفى من أدوات مشاركة ومرح ودردشة إلى معرض لتحركات تافهة لاتهم غير أصحابها.

وأصبح السيلفى اليوم أهم من أى شىء، سوف ترى أخانا وهو يتثاءب سيلفى، ويجهز نفسه للنوم، ويستعد للخروج أو العودة، ويشد نفس الشيشة أو بق القهوة، وكل هذا ممكن تحمله. أو الانصراف عنه، لكن الشخص يطاردك، لأنه اشترى مساحات ومعجبين يجعلونه مفروضا كلما أخفيته يطلع لك من شق افتراضى ليصفع الناس بالسيلفى.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة