الحوثيون هم العرائس الخشبية التى تحركها إيران من وراء الستار على مسرح الصراع فى اليمن، واليمن مجرد محطة عابرة لن يتوقف عندها طويلا قطار المطامع الإيرانية، فالهدف هو السعودية رمانة الميزان فى منطقة الخليج واللاعب الرئيسى فى موازين القوى الإقليمية، وتقف حجر عثرة فى وجه الأحلام الفارسية، وخططت إيران لنقل الحرب إلى بوابتها الجنوبية، بعد أن نشرت خيوط التغلغل الناعمة فى اليمن غير السعيد منذ أكثر من ربع قرن، ويدير ملف الحرب الآن قاسم سليمانى قائد فيلق القدس فى الحرس الثورى الإيرانى.
قاسم سليمانى يتباهى بأن طهران الآن تحكم ثلاث عواصم عربية هى بغداد ودمشق وبيروت ويؤكد «قريبا صنعاء»، وللأسف الشديد فقد استيقظ العرب على طبول الحرب الإيرانية، متأخرين جدا وبعد نوم طويل فى التناحر والصراع الداخلى، غير مدركين مخاطر دس الأذرع الإيرانية فى قلب المنطقة العربية، وكان لبنان هو النموذج الأول بإنشاء حزب الله، فى أعقاب الانسحاب السورى عام 2005، والهيمنة الكاملة على أوضاعه الأمنية والسياسية.
إيران حاضرة بقوة أيضا فى العراق وفرضت ثقلها على المحيطين الدولى والإقليمى، بعد تحالفها مع واشنطن لتخليصه من داعش، وحصدت مكاسب هائلة فى الملف النووى بعد تحرير تكريت فى محافظة صلاح الدين، لتبعث برسالة مضمونها أنها القادرة على حماية المنطقة من الإرهاب، بعد أن عجز التحالف الدولى عن تحقيق ذلك رغم قدراته الكبيرة.. وقبل ذلك حققت انتصارا فى الجبهة السورية بعد نجاحها فى معركة ريف حمص لصالح بشار الأسد، ووقف الإمدادات والدعم عن المعارضة السورية فى الشمال، وأثبتت قدرتها على حمايته والإبقاء على نظامه.
مشكلة العرب أنهم لا يدركون حجم المخاطر إلا إذا دخلت غرف نومهم، وإيران أصبحت الآن قاب قوسين أو أدنى من ذلك، دون أن تبدو فى الأفق ملامح السرعة الواجبة، لتفعيل مقررات القمة العربية، والتعجيل بإنشاء قوة الردع لوقف النزيف العربى وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وأخشى أن يكمن الشيطان فى التفاصيل، فيضيع الوقت فى مناقشات البحث عن الدور والزعامة واستعراض العضلات، بينما العدو الناعم يتسرب تحت الجلد مثل الفيروس الكامن الجاهز للانقضاض.