كمال حبيب

نقد الكتب المقدسة والإلحاد والمذكور (2-3)

الإثنين، 13 أبريل 2015 11:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نزعة الاستشراق التى نقدت الكتب المقدسة قادتها بشكل أساسى المدرسة الألمانية، وهنا نجد أسماءً مهمة مثل «يوليوس فلهاوزن 1844-1918»، وهو من أسس مدرسة عرفت بنقد التوراة والإنجيل استفاد فيها من القرآن الكريم الذى أشار إلى التحريف والتبديل اللذين أصابهما، بالإضافة إلى ما يعرف باسم نظرية تعدد المصادر، وهناك مستشرق آخر اسمه «تيودور نولدكه 1836-1930»، ورسالته للدكتوراه بعنوان «أصل وتركيب سور القرآن الكريم»، وقد استخدم نفس المنهج المستخدم فى نقد التوراة والإنجيل على القرآن الكريم، ونظر هذا المستشرق فى رسالته مرات عديدة ثم نشرها فى كتاب بعنوان «تاريخ النص القرآنى»، وهنا سنلاحظ دائما فكرة التاريخانية، أى أن القرآن الكريم ليس كتابا موحى به من الله سبحانه وتعالى ولكنه كتاب تطور تاريخيا مع تطور حياة العرب بعد الإسلام وبعد البعثة المحمدية، وفكرة التطور التاريخى تلك هى فكرة غربية قائمة على النزعة المادية التى يطل بها المستشرقون على مقدساتنا الإسلامية فيرونها بمنظورهم هم الذى يقول إنه لا شىء مقدس، وإن الظواهر جميعا بما فى ذلك الظاهرة الدينية تخضع للتجربة الإنسانية والذاتية، وتخضع لتطور المجتمعات، ومن ثم تفقد قدسيتها لأنها كبقية الظواهر تخضع للتطور، بينما الإسلام هو وحى وليس ظاهرة تاريخية، ففى اللحظة التى نزل فيها الوحى بدأالإسلام معها، بينما الكتب الأخرى كان هناك مسافات زمنية بين كتابتها وبين بعثة الرسول الذى جاء بالوحى فأصبح هناك تاريخ لتلك الكتب، بينما القرآن الكريم والسنة الصحيحة هى وحى نشأ معه الإسلام فى نفس اللحظة وبدأ حفظ القرآن والسنة فى الصدور والكتب.

ولدينا مثلا مستشرق متمكن مثل «أرند جان فنسنك 1882-1939» استخدم منهج نقد الكتب المقدسة على السنة النبوية، لأن المنهج كله متسق وليست السنة بأعز من القرآن، وليس القرآن بأعز من السنة لمن يطبق هذاالمنهج، قال إن الصلاة التى يصليها المسلمون وصلت إلى شكلها النهائى بعد وفاة النبى محمد، صلى الله عليه وسلم، وهو من أسس دائرة معارف المستشرقين التى صدر العدد الأول منها عام 1913، وله اهتمام كبير بالسنة وترجم له إلى العربية محمد فؤاد عبد الباقى كتابى مفتاح كنوز السنة، والمعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوى، وقال هذا المستشرق إن حديث «بنى الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت» هو حديث تم اختلاقه بعد وفاة النبى كأثر من آثار اختلاط المسلمين بالمسيحيين بالشام، ولما وجدوا عندهم كلمة أرادوا هم أيضا أن يكون لهم أساس عقدى فاخترعوا ذلك الحديث، يقول ذلك المستشرق بالنص: «لقد تطورت الأفكار والعمل بعد وفاة محمد بعدة عقود، وهذا التطور منح القادة الروحيين فرصة لبيان روح الإسلام فى الأحاديث».

ونشير هنا إلى مستشرق آخر مهم جدا هو «إجناس جولدتسهير 1850-1921»، وهو الذى يعد مؤسس المدرسة التاريخية فى فهم الكتاب المقدس، وحاول أن يطبق نظرياته على القرآن الكريم والسنة المشرفة، وفى خلال بحثه لم يسعه إلا أن يقول: إن الإسلام هو الدين الوحيد الذى منع الشعوذة والعناصر الوثنية عن طريق التعاليم السنية، وليس عن طريق العقلانية، لقد اتجه تفكيرى نحو الإسلام وتعاطفت معه، ولم أكذب حين قلت إننى أؤمن ببعثة محمد النبوية».

نخلص إلى أن الجدل حول السنة ليس جديدا، وأن البخارى يمثل الحلقة الذهبية فى مسار تدوين السنة النبوية ومن بعده مسلم، ومن ثم فإن النقد يتجه إليهما، لأنه بدون السنة كيف نفهم القرآن الكريم، فالقرآن الكريم هو الأصل وهو الأساس، ومن بعده تأتى السنة شارحة وموضحة له، ومن ينقد السنة ويريد هدمها فإنه بالضرورة يطعن فى القرآن وفى الإسلام ويريد هدمه، والتخفى حول القول بالإيمان بالقرآن الكريم ليس سوى خدعة للنفاذ إلى السنة والسعى إلى هدمها، وأتحدى أن تكون هناك حجة أتى بها مستشرقو العرب مستبطنى الإلحاد لم يسبقهم إليها المستشرقون.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة