أراد الدكتور عبدالواحد النبوى، وزير الثقافة، أن يبرر تهكمه على السيدة عزة عبد المنعم، أمينة متحف محمود سعيد، فأصدر بيانا أمس رسميا من الوزارة، يقول فيه، إنه يحترم المرأة وعملها، وأنه لاحظ اضطراب الموظفين أثناء زيارته، فأراد التخفيف من حدة هذا الاضطراب وتبادل النكات معهم، وفى تصريح سابق قال، إنه قال لها إنها «محتاجة للرياضة..وكلنا محتاجين للرياضة»، وقد ظن الوزير أن هذا التبرير ربما يعفيه من المسؤولية السياسية والأخلاقية عن هذه الجريمة، لكنى أرى أنه بهذا الرد أثبت واقعة سخريته من السيدة عزة التى صدمت الجميع وهبطت بسمعة الثقافة والمثقفين إلى الحضيض.
لا أعرف كيف يفكر وزير الثقافة، وكيف يظن أنه حينما يقول إنه أراد التخفيف من حدة التوتر بين الموظفين فسخر من موظفة لديه أننا سنصدقه، فلماذا اختار هذه الموظفة بالذات من بين بقية موظفى المتحف؟ ولماذا لم يشع البهجة على طريقته بين الجميع، ويسخر من الجميع ما دام الأمر يتعلق بقيام الوزير بحبة فرفشة بين الموظفين، وليس بالتهكم على موظفة بعينها؟ وكيف يقابل وزير ما شكوى سيدة تعرضت للظلم الإدارى بهذا الكم من السخرية أو الاستظراف التى شاهدناها؟
يؤسفنى هنا أن أقول إننى أشعر فى أوقات كهذه أننا أصبحنا نعيش فى زمن غير حقيقى، كأنه زمن، وكأننا نعيش، وكأننا نسمع، وكأننا نرى، وكأن عبد الواحد النبوى وزير، وكأنه يمر على مصالح الوزارة، وكأنه يمارس عمله وكأننا نعارضه، من فرط تفاهة المشكلات وعبثيتها وكارثيتها أصبحت غير واثق فى شىء، فليس الوزير وزيرا، ولا تلك هى المعارضة، فمعارضة المسؤولين لها أصول، أهمها أن يفعل هذا المسؤول شيئا يستحق الاختلاف معه، لكن للأسف وضعتنا «الظروف» فى موضع لا نحسد عليه، فلا نقدر على أن نصمت على مثل هذه الأفعال المشينة التى يفعلها الوزير، ولا نقدر على تناولها بالمعارضة لأنها تدخل فى باب التقويم لا باب الاختلاف.
إننى على يقين أن ما قالته السيدة عزة حقيقى، وأن الوزير اضطر إلى إرسال هذا الرد للصحف، لأنه شعر بفداحة ما ارتكبه بعدما تناولت وسائل الإعلام هذا الأمر، كما شعر بأنه فى جانب والدولة فى جانب آخر، فرئيس الجمهورية قابل أمس الأول الزميلة لمياء حمدين بعد تعرضها للتهكم من جانب بعض السفهاء أثناء تأدية عملها، بينما يوبخ الوزير إحدى موظفات الدولة، لأن شكلها لا يعجبه، ويتركها فى مشكلاتها الإدارية التى من المفترض أن يحلها ليضيف إليها مشاكل إنسانية كانت فى غنى عنها.