الاثنين الماضى رحل جونتر جراس، الألمانى الحاصل على نوبل، وفى اليوم نفسه رحل أديب أورجواى العظيم، إدواردو جاليانو، بدون ضجيج عن 74 عاما فى مونتيفيديو «عروق أمريكا اللاتينية المفتوحة»، كتابه الذى صدر فى 1971 يعتبر مرافعة قوية ضد الاستعمار وإحدى المرجعيات المهمة للفكر اليسارى لعقدين، كتبه من وجهة نظر المنتصر لا المهزوم ما جعله «الوجه الإشكالى الكبير» لليسار الأمريكى.
اللاتينى، نال «كرة القدم بين الشمس والظل»، والذى ترجمه المبدع صالح علمانى شهرة كبيرة عربيا، ولم تحظ أعماله الأخرى بالشهرة نفسها، رغم أهميتها، مثل ثلاثية ذاكرة النار، وأبناء الزمن، وكتاب المعانقات، وكتاب المصادفات، جاليانو كان نصيرا للقضية الفلسطينية، كتب: «بعد شهور من سقوط البرجين، قصفت إسرائيل جنين، مخيم اللاجئين الفلسطينيين هذا، تحول إلى حفرة هائلة، ممتلئة بموتى تحت الأنقاض، حفرة جنين لها حجم حفرة برجى نيويورك نفسه، ولكن، كم من الناس رأوها، غير أولئك المتبقين على قيد الحياة الذين يقلبون الأنقاض بحثا عن ذويهم؟».
كان إدواردو أشبه بحدث طويل لا يهدأ، وهو الذى أعلن فى أكثر من مناسبة أن شغفه الأول هو الذاكرة، كان يقول: «لم يتسن لى التعرف على شهرزاد، ولم أتعلم فن الرواية فى قصور بغداد فقد كانت جامعتى مقاهى مونتيفيدو القديمة»، كان صيادا ماهرا للمشاهد التى تفجر فيك الأسى والفرح معا، مرجعيته هى حياته ومشاهداته، يكتشف فى اليومى العابر علاقات شعرية تستغرب كيف اكتشفها، نصوصه قصيرة مباغتة: «الجوع يتغذى على الخوف،خوف الصمت يدوى فى الشوارع، الخوف يهدد: إذا أحببت، تصاب بالإيدز، إذا دخنت، تصب بالسرطان، إذا تنفست، تتلوث، إذا شربت، تحصل لك حوادث، إذا أكلت، ترتفع فيك نسبة الكوليسترول، إذا عبرت عن نفسك تسرح، إذا سرحت، تسرق، إذا فكرت، تقلق، إذا شككت، تجن، إذا شعرت، تعانى من الوحدة».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة