العائدون من جحيم الإدمان يروون حكايات التعاطى والتعافى..حسام: بعت هدومى وهدوم أمى وأختى وأنبوبة البوتاجاز عشان «الكيف» ومحمد: طلقت مراتى وبعت البيت والعفش وإخواتى طردونى من محل الجزارة عشان إدمانى

الجمعة، 17 أبريل 2015 10:52 ص
العائدون من جحيم الإدمان يروون حكايات التعاطى والتعافى..حسام: بعت هدومى وهدوم أمى وأختى وأنبوبة البوتاجاز عشان «الكيف» ومحمد: طلقت مراتى وبعت البيت والعفش وإخواتى طردونى من محل الجزارة عشان إدمانى الفرحة تسود بين من نجحوا فى تجاوز أزمة الإدمان
كتب - على عبدالرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«حياتى تحولت إلى جحيم، لم أذق يوما طعم الراحة النفسية، أهلى عانوا الأمرين، تركت الصلاة وابتعدت عن الله، وسرقت ونهبت ونصبت كثيرا، حتى إننى سرقت أهلى وأمى، لكنى ندمت على كل ذلك وندمت أكثر على شبابى الذى ضاع هدرًا».. بهذه الكلمات بدأ «حسام. م»، 32 سنة، دبلوم تجارة، أحد المدمنين المتعافين، يروى لـ«اليوم السابع» على هامش حفل تخريجه هو وعدد آخر من المدمنين المتعافين داخل وحدة طب الإدمان بمستشفى العباسية للأمراض النفسية والعصبية، معاناته ومعاناة أسرته مع إدمانه منذ صغره.

ويقول حسام، إنه بدأ التعاطى وعمره 22 سنة، بسبب مواقف تعرض لها منذ الصغر وأصدقاء السوء، جعلته يلجأ لتعاطى المخدارت، كما أنه وحيد لأخواته البنات، وكان والده لا يحرمه من شىء حتى إنه يدلله، على حد قوله، وعندما مرض والده مرض الموت، شعر باسوداد الدنيا من حوله، فلجأ لأصحاب السوء الذين وجد معهم راحته بعد مرض والده ثم وفاته بعد ذلك، وبدأ بتعاطى بعض المغيبات، ثم باقى المخدرات وأخيرًا «الهيروين». وأضاف حسام، أنه بدأ يلجأ لأعمال النصب والسرقة فى سبيل الحصول على أموال لتوفير الهيروين، حتى إنه كان يبيع ملابسه والهواتف المحمولة الخاصة بوالدته وأخواته البنات، كما أنه باع أسطوانة البوتاجاز وبعض الأجهزة الإلكترونية.

مغامرة بين الجبال للحصول على «الكيف»


بدأ حسام يغامر بحياته ويذهب للجبال وأماكن غريبة، ويسافر لمحافظات أخرى للحصول على الكيف إلى أن بدأ يتاجر فى المخدر وليس فقط لمجرد التعاطى، حيث إنه كان يرى فى هؤلاء المتعاطين والتجار مثلا أعلى، ويريد أن يكون مثلهم، إلى أن ذهب إلى وحدة طب الإدمان فى عام 2007 ومكث بها شهرا ونصف الشهر، وعاد مرة أخرى للتعاطى لمروره بمشاكل وتجمع أصدقاء السوء مرة أخرى من حوله.
ويستطرد حسام قائلاً: «خلاص جبت آخرى»، وشعرت باليأس من الحياة، وضياع عمرى وشبابى الذى ذهب هدرا، فلجأت مرة أخرى لوحدة طب الإدمان، ومكثت فيها ثلاثة أشهر، وبدأت التعافى من الإدمان بالفعل، وقررت ألا أعود مرة أخرى إلى الإدمان ولا إلى أصدقاء السوء، كما يؤكد أنه لا يخشى نظرة المجتمع، حيث إن من حوله يشعرونه دائما بالسعادة لما أصبح عليه بعد تعافيه من الإدمان.

محمد: طلقت مراتى وبعت البيت والعفش عشان المخدرات


ويروى «محمد.ى»، جزار، 45 سنة، تجربته مع الإدمان قائلا إنه مدمن منذ 23 سنة، وبدأ بتعاطى الأقراص المخدرة لمدة خمس سنوات، إلى أن انتهى بالهيروين، وساعده فى ذلك دخله الجيد نوعا ما حتى إنه كان يصرف يوميا ما يقرب من 200 جنيه على الهيروين إلى أن باع شقته وعفشها بعد أن انفصل عن زوجته وباع كل ما يملك، فاضطر إخوته شركاؤه فى محل الجزارة لطرده من المحل إلى أن يتوب عن التعاطى.

ويضيف «محمد» أنه بسبب الهيروين انفصل عن زوجته، واعتدى على والدته بالضرب، وبسببه مكث فى المستشفى 40 يوما فشعر بعدها بالندم وقرر العلاج. فيما يقول «عماد»، نجار مسلح، إنه بدأ تعاطى المخدرات منذ أن كان عمره 12 سنة، بعد مروره بمشاكل داخل أسرته، حيث انفصل والده عن والدته وشعر ألا رقابة عليه، لجأ إلى تدخين البانجو والحشيش، ثم لجأ إلى الأقراص المخدرة، إلى أن وصل إلى الهيروين.

ويضيف عماد، أنه كان يصرف أمواله كلها على الهيروين والمخدرات، إلا أنه بدأت تصدر منه تصرفات مزعجة لمن حوله حتى إنه كان دائم الاعتداء على زوجته وأولاده، ورأى معاناة أهله معه، فقرر العلاج والتعافى من الإدمان حرصا على مستقبل أولاده.

ويروى «عمرو. أ»، 37 سنة، أنه لجأ للمخدرات بحثا فيها عن حل لمشاكله الشخصية ومشاكله الأسرية، وأن بدايته مع التعاطى عندما كان عمره 16 سنة، وبدأ بأقراص علاج الصداع»، وبسبب المخدرات فقد عمله وباع محلا للألبان، وآخر للخردوات كان يمتلكهما، وميراثه عن والده، وملابس أولاده، لأجل الحصول على الهيروين.

وأضاف أنه لم يكتشف أنه مدمن إلا قبل 8 سنوات، لأن ثمن المخدر كان متوفرا معه، ولكن بعد أن فقد كل ما يملك وأصبح لا يجد ثمنه ولجأ إلى طرق ووسائل مختلفة للحصول على ثمن المخدر، مثل النصب على أسرته والاستدانة من الجيران والأقارب دون سداد الدين، كما ادعى أن ابنه مريض لطلب المساعدة بالمال لعلاجه، كما أنه كان يسرق زوجته ووالدته وشقيقته وزوجها.

وأوضح عمرو، أنه أتى إلى وحدة الإدمان أكثر من مرة، لكن دون جدوى، لأنه لم يكن يريد أن يترك المخدرات، لكنه بعد أن أدرك معاناة أهله وزوجته وأبنائه، قرر أن يتعافى من الإدمان.

نصيحة والدة مدمن لكل الأمهات


وتدعو والدة «عمرو» أهالى وأسر المدمنين إلى عدم التخلى عنهم، خاصة إذا كانوا يريدون العلاج، عن طريق إشعارهم بكم المعاناة التى يعانونها بسببهم، وإن اضطروا لإحضاره جبرًا للعلاج والتعافى من الإدمان.

وتضيف والدة عمرو، أن ابنها تسبب فى مشاكل كثيرة للأسرة بسبب إدمانه، منها الاستدانة، وبيع أثاث المنزل، متابعة: «بعت ذهبى لتوفير المال لأنه فقد عمله وكنت أنفق على المنزل، وألحقناه بمركز لعلاج الإدمان تكلف خمسة آلاف جنيه خلال أسبوع وعاد مرة أخرى للتعاطى، ثم التحق بوحدة طب الإدمان بالعباسية مدة أربعة أشهر، وبعدما خرج عاد مرة أخرى للإدمان، لكنى أتمنى ألا يعود مرة أخرى».

فيما تقول زوجته إنها اضطرت للبحث عن عمل، وأخيرا وجدت وظيفة مشرفة داخل مدرسة لتنفق على المنزل مع والدة زوجها، بعد أن عانت الكثير من زوجها المدمن، مضيفة، أنها كانت على وشك الطلاق بسبب المشاكل التى سببها زوجها لها معها ومع أسرتها، إلا أنها فضلت الصبر حفاظا على أبنائها.

من جانبه يؤكد الدكتور عبدالرحمن حماد، مدير وحدة طب الصحة النفسية والإدمان بمستشفى الصحة النفسية بالعباسية، أن البحث القومى للإدمان الصادر حديثا، يكشف عن كوارث أبرزها أن نسبة متعاطى المخدرات الذين يتعاطون على فترات متقطعة أو منتظمة، والذين جربوا ولو لمرة واحدة %20.6 من تعداد السكان، ونسبة المدمنين فعليا %6 من عدد السكان أى ما يقرب من 4 ملايين مدمن، كما يتم الإنفاق على المخدرات سنويا 24 مليار جنيه حسب مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات.

وأضاف حماد، أنه فى عام 2013 تردد على العيادة الخارجية 10 آلاف حالة، وفى عام 2014 تردد 16 ألفا و855 حالة بزيادة أكثر من %60، وتم حجز 757 حالة من 50 سيدة فى عام 2013، وفى 2014 تم حجز 1038 حالة منها 67 سيدة، لافتًا إلى أن وحدة طب الإدمان بالعباسية هى أكبر وحدة لعلاج المدمنين على مستوى الجمهورية، فهى تحتوى على 150 سريرا، منها 30 سريرا لقسم إدمان السيدات، و30 سريرا لقسم التشخيص المزدوج وهم المرضى الذين يعانون أمراضا نفسية إلى جانب الإدمان، و30 لإزالة السموم، و60 سريرا لقسم التأهيل، كما أن العيادة الخارجية تنظر يوميا 150 حالة.

ويوضح حماد، أن البرنامج التأهيلى يستمر من 6 أشهر لسنة أو أكثر، يكون أول ثلاثة أشهر داخل الوحدة، ثم ثلاثة أشهر أخرى يتابع أربعة أيام داخل الوحدة لمدة 5 ساعات، لافتا إلى أن مخدرى الهيروين والأفيون يستمران داخل الجسم لمدة 3 أيام، والحشيش والبانجو 40 يومًا، والترامادول يخرج من الجسم خلال أسبوع.

ويهدف البرنامج فى النهاية، وفقًا لـ«حماد» إلى أن المدمن يستطيع أن يعيش حياته دون مخدرات، يمارس علاقته الشرعية مع زوجته دون مخدرات، والأهم من ذلك رده إلى عمله ودراسته إن كان طالبًا مرة أخرى.

وقال: «أرى أنه لابد من تعاون جميع المسؤولين معنا لإدماج المتعافين مرة أخرى داخل المجتمع، لكن يكون قرار العودة إلى العمل حسب مهنته الأساسية، فبعض المدمنين المرتبطة أعمالهم بتعاطى المخدرات مثل السائقين ننتظر معهم وقتا أطول، أو نتجه لتغيير المهنة».

ويؤكد مدير وحدة طب الصحة النفسية والإدمان بمستشفى الصحة النفسية بالعباسية، أن تدخين السجائر والشيشة أخطر من المخدرات، فهناك 10 أنواع من السرطان يسببها التدخين، مثل سرطان المثانة، لافتا إلى أن تدخين السجائر معترف به ضمن أنواع الإدمان، لكن لا يخضع لنفس طريقة إدمان المخدرات.

وحول الدعوات الأخيرة لتقنين الحشيش يؤكد حماد أن هذه الدعوات غير مسؤولة، وتهدد الأمن والسلم الاجتماعى، وتهدد صحة الفرد واتزانه النفسى، كما أن مخدر الحشيش مرتبط بثقافات لدى المصريين عموما، حيث إنه يكاد يكون ضيفا دائما فى الأفراح، والبعض يعتبره منشطا جنسيا، فالدعوة لتقنين الحشيش تنبئ بأن نكون مثل دولة اليمن التى تشير التقديرات فيها إلى أن نحو%90 من الذكور البالغين يمضغون القات لمدة تتراوح بين 3 و4 ساعات يوميا.

السجائر الإلكترونية خطر يهدد الصحة


وأوضح «حماد»، أن السجائر الإلكترونية التى ظهرت أخيرًا كوسيلة من الوسائل المساعدة فى الإقلاع عن التدخين، خطيرة جدًا ولا توجد أى أبحاث علمية عليها، بالإضافة إلى أن المواد التى تحتويها غير معروفة ومجهولة، كما أن بعض الأشخاص غير المدخنين بدأوا يلجأون لها كنوع من التجربة أو التظاهر، ومن ثم يتجهون فعليا إلى السجائر الحقيقية.

ويشير مدير وحدة طب الصحة النفسية والإدمان بمستشفى الصحة النفسية بالعباسية، إلى أنهم يستعينون ببعض المدمنين المتعافين فى الوحدة ليقدموا العون والنصيحة لأقرانهم ممن يتلقون العلاج، كما أن حضورهم لندوات ومحاضرات للمدمنين من شأنه ألا يجعلهم يفكرون ولو للحظة فى العودة إلى الإدمان.

فى ذلك يقول محمود، 24 سنة، شيف، إنه تعافى من الإدمان منذ عام، وبدأ يشارك فى لقاءات وجلسات داخل الوحدة لتوعية المدمنين المقبلين على العلاج، كما يستفيد هو من ذلك فى تذكير نفسه بما كان عليه وما هو عليه الآن، حتى لا يعود مرة أخرى إلى الإدمان.

ويذكر محمود، أنه بدأ الإدمان منذ طفولته، حيث بدأ بتقليد والده فى تدخين السجائر العادية، ومع قلة الرقابة عليه بدأ يدخن مخدر الحشيش، والأقراص المخدرة، ثم الهيروين، وبدأ يسرق أسرته وعمله الذى تركه أكثر من مرة بسبب المخدرات، كما أنه أنفق ميراثه عن أبيه فى سبيل توفير كيفه من الهيروين، إلى أن تاب الله عليه وتعافى من الإدمان.

ويقول حسين محمد، فنى تمريض بوحدة طب الإدمان بمستشفى العباسية للصحة النفسية، إننا نواجه صعوبة وإرهاقا فى التعامل مع بعض الحالات، وهى حالات التشخيص المزدوج التى تعانى من اضطرابات نفسية إلى جانب الإدمان، وبعض المدمنين يحاولون فعليا إدخال مواد مخدرة إلى الوحدة، مضيفا: «هنا يتخذ مدير الوحدة إجراء الطرد فورًا».








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة