حرق للكتب أم دعاية للإخوان؟

على قاعدة «الممنوع مرغوب» يمكن أن نعتبر عملية حرق الكتب التى تمت داخل فناء مدرسة «فضل الحديثة» بمحافظة الجيزة، بمثابة دعاية رائجة لهذه الكتب التى هى تدعو إلى التطرف، وبالتالى فإن هناك دعاية مجانية تم تقديمها إلى هذه الكتب، وعليه فليس من المفهوم مثلا تصميم مديرة التربية والتعليم بمحافظة الجيزة على أنها لا تعتذر عن إشرافها على عملية الحرق، وأنه لو تكرر الأمر ووجدت كتبا تعبر عن فكر الإخوان فستحرقها مرة أخرى، والمثير أن «المديرة» قالت ذلك فى الوقت الذى أعلن فيه الدكدتور محب الرافعى، وزير التربية والتعليم، رفضه للواقعة، وإحالة المسؤولين عنها إلى التحقيق.

لا أدرى لماذا لم يقدم المسؤولون عن هذا الفعل إلى فعلهم دون ضجة، وتتخلص من هذه الكتب دون «شو إعلامى» أدخل عناوين هذه الكتب إلى بيت، ومعنى أن فردا واحدا يدفعه فعل الحرق إلى البحث عن هذه الكتب لمعرفة ما تحتوى عليه، سنكون أمام احتمالات اقتناع هذه الفرد بما تحتويه هذه الكتب، وفى هذه الحالة تكون الجبهة التى تحارب الإرهاب قدمت هدية عظيمة للإرهابيين.

محاربة الإخوان وفكرهم لا تتم بأسلوب «فرح العمدة»، وهو أسلوب تعودنا عليه فى قضايا كثيرة تتعطل فيها العقول والأفكار لصالح محترفى الزفة، وتكون النتيجة فى النهاية أنه لا فكر للإخوان ينتهي، ولا تأثير لهم يموت، وتلك مأساة كبيرة، وكما قلنا من قبل فإن المواجهة الحقيقية للتطرف والإرهاب تأتى من تبنى مشروع وطنى حقيقى يقوم على الديمقراطية الحقيقية والتوزيع العادل للثروة والاستقلال فى القرار الوطنى، ودون ذلك ستبقى التربة المغذية للإرهاب والتطرف على حالها، وستبقى كل وسائل المواجهة مجرد خطوات أقرب إلى التسكين، وأبعد عن البتر.

يقودنا ذلك إلى القول بأن الأصل فى العملية التعليمية التى تعد من الأشياء التى تؤسس للمشروع الوطنى هو بناء عقول الطلاب، وإعدادهم نفسيا وعقليا للمستقبل عبر دراسة صحيحة ومناهج متقدمة ومناخ اجتماعى صحى يقدس العلمية التعليمية، فهل يتم بالفعل هذا البناء بطريقة صحيحة؟

بالطبع الإجابة بالسلب، فلا تعليم يتم بالطريقة العصرية الصحيحة، ولا توجد بشائر حقيقة لذلك تقودنا إلى أن نثق فى المستقبل التعليمى، ومادام الأمر بقى على هذا الوضع، فإن تصرفات مثل حرق الكتب، لن تفيد فى شئ، وموقف وزير التربية والتعليم جاء موفقًا فى ذلك.