أكرم القصاص

مصر من بره.. الكاميرا والكنبة!

الأحد، 19 أبريل 2015 07:33 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما تبتعد عن مصر ولو لفترة قصيرة، لا تنفصل عن أحداثها، وتبقى مشاهدا من الخارج. ترى الصورة، من انعكاس ما يجرى على صفحات التواصل وشاشات الفضائيات، لتكتشف أننا نعيش حالة من المبالغة والنفخ، تحول كل نقاش إلى معركة لا يهم العقل أو المنطق.. معارك الآراء فيها محجوزة مسبقا، يمكن أتوقع قول كل فريق. وكل منهم يرى نفسه عارفا، يعترض أو يؤيد، وفريق ثالث ينقسم مع هذا أو ذاك. كنت فى بيروت لأيام ورايت كما يرى المشاهد كيف نصنع من كل حبة قبة.

أصبحنا نتعامل يوميا مع الحوادث الإرهابية الصغيرة والكبيرة، التى تبدو من كثرة التعامل معها على أنها طبيعية، فى الخارج تبدو بحجم أضخم. المثير أن تفجيرات رفح، والإرهاب فى كفر الشيخ ضد طلاب الكلية الحربية، بدت خافتة، لم تأخذ حظها من التغطية، بالرغم من كونها تخص المصريين وتتعلق بحياتهم. لكنها تراجعت لصالح أحداث مختلفة، بالرغم من صغرها احتلت المساحة الأوسع.

منها مديرة الإدارة بثينة كشك التى اعتقدت أنها تخدم الفكر بحرق الكتب التى لا تروق لها فى مكتبة مدرسة، حادث غطى على كل الأحداث وتصور من تابع الحدث أن المصريين تفرغوا لحرق الكتب ومطاردة الأفكار التى لا يوافقون عليها. مع أنها محاولة نفاقية من مسؤولة تظن أنها تتقرب من السلطة بينما هى تسىء لكل شىء.

أما الجدل الأكبر فكان حول الحجاب احتل مساحات ضخمة من الجدل، ولم يكن مجرد نقاش عام على خلفية خلافات سياسية، مبالغة فى الدعاوى والأفعال وردود الأفعال، وكأننا تحولنا لممثلين على مسرح.
ونفس الأمر فى «مناظرة القرن» بين الشيوخ، الذى تحول كالعادة إلى مباراة «ألتراسية» بين فريقين يريد كل منهما أن يهزم الآخر بالضربة القاضية.

جدل مبالغ فيه، وغير حقيقى، هدفه البحث عن متفرجين ومصفقين. الحقيقة أنها مناقشات عادية يمكن أن تبدأ وتنتهى فى ركن صغير بمقهى، أو على كنبة من كنبات الجدل العام. ليست حول الدين، لكنها حول مناظر، تدور يوميا فى أماكن مختلفة، لكنها ما أن تخرج إلى الفضاء الإلكترونى أو التلفزيونى حتى يركب كل واحد عشرون عفريتا، ينفخون فى كل شىء حتى يصبح قبة.

جدل حول الشكليات، يشبه بالفعل جدل حكاء بيزنطة، عندما كانوا يبحثون عن إجابات لأسئلة من عينة «كم من الملائكة يمكنهم الوقوف على سن الإبرة». وسقطت بيزنطة. تماما مثلما يعجز المتجادلون لدينا عن تفسير كم داعشى يولد يوميا؟ بفضل أفكار يتفقون جميعا أنها ليست من الدين.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة