محمد الدسوقى رشدى

السيسى فى قفص الخطاب الدينى

الثلاثاء، 21 أبريل 2015 09:59 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مناقشة دعوة الرئيس لتجديد الخطاب الدينى وتقويم المتطرف من أفكاره أو نسفها، أمر يستدعى منك تجردا تاما، سواء كنت مع السيسى أو ضده.

بداية هذا التجرد اعتراف بأننا فى مصر عشنا سنوات طويلة ننتظر قرارا شجاعا بمد اليد فى تلك البحيرة العكرة التى تملؤها دعوات دينية متطرفة ومتخلفة.

دفع مثقفون ومفكرون ورجال دين أثمانا غالية حينما طلبوا ذلك من مبارك، فرد عليهم المخلوع السابق بفتح المجال أمام مزيد من الفضائيات للسلفين والانتشار لشيوخ التيارات المتطرفة، وكثير من التهميش لدور الأزهر والدعاة المعتدلين، ومن بعد مبارك جاء مرسى وإخوانه ووعدوا الناس بتجديد للخطاب الدينى ولما تجاوب المفكرون ورجال الدين مع دعوتهم اكتشفوا أن الإخوان أرادوا احتكار الدين تحت مظلة تجديد خطابه.

ثم جاء السيسى فى وقت ميلاد رغبة مجتمعية بضرورة تجديد الخطاب الدينى لحمايته من الاحتكار أو استغلاله فى السياسة أو استخدامه للتكفير أو تبرير أعمال الذبح والإرهاب، كانت مجرد دعوة تقول بأن الأوان قد حان لفتح باب الاجتهاد والتجديد، دون أن يخص بها أحدا أو يمنحها فرصة لمؤسسة ما لكى تسيطر.

وكعادة أى دعوة يطلقها رأس الدولة، تلقفها مستغلون مثلما تلقفها المخلصون، المخلصون انطلقوا فى هدوء لطرح أطروحاتهم الدينية ومشاكلهم مع الخطاب السلفى والداعشى وبعض أزمات كتب التراث، وأصحاب المصالح انطلقوا فى شتات بلا قيود، بلا منهج، يسفهون ويعلون من سقف انتقاداتهم للدين، لا لرجاله المتطرفين، بالشتائم والسخرية ظنا منهم أن ذبح الماضى سيكون قربانا للتقرب من السلطة.
هؤلاء تحديدا انطلقوا فى الفضائيات واستخدموا ألفاظ هتك العرض والحرق، لوصف كتب التراث والأئمة الأربعة، فى قضية أصلها كان الدعوة لتجديد الخطاب الدينى ونقله من مرحلة الإقصاء والتطرف السلفى إلى مرحلة الموعظة الحسنة ومواجهة الفكرة بالفكرة لا بالسيف أو السخرية، وجلب ذلك عليهم تململا شعبيا وغضبا مجتمعيا، لأن شعورا تسرب للناس بأن الذين تصدوا لمعركة التنوير شتامون أكثر من كونهم مفكرين.

الإخوان بدورهم استغلوا الغضب الشعبى من حالة الانفلات الدينى، وبدلا من أن يعلنوا خشيتهم على الدين وعلومه، بدأوا معركة استغلال تلك الأطروحات المنفلتة سياسيا، وبدأت فضائياتهم ومواقعهم يروجون إلى أن دعوة تجديد الخطاب الدينى التى أطلقها الرئيس لم تكن سوى مجرد دعوة لتدمير الإسلام.

فعل الإخوان ذلك ونسوا أنهم كانوا أول من طالب الشعب المصرى بعدم محاسبة الجماعة ولا محمد مرسى على ما تمتلئ به الفضائيات الدينية من تطرف، وتناسوا أنهم كانوا أول المتقاعسين عن إنقاذ الإسلام من حفلات استغلاله من قبل شيوخهم ورجالهم من أجل جمع الأصوات الانتخابية فى الصناديق أو تكفير خصومهم وإرعابهم.

هم يريدون محاسبة السيسى على دعوته التى طالما انتظروا معنا قبل 25 يناير أن نسمع مثلها من مبارك، والسيسى سبقهم وأدرك أن الدعوة العام لم تكن صالحة فى مجتمع يعشش به المتربصون، وقال فى كلمته يوم الجمعة الماضية بالكلية الحربية إنه وجد كلاما فى الإعلام لا يصب فى مصلحة قضية تجديد الخطاب الدينى، وأنه يعلم أن الخطاب الدينى لن يتم إصلاحه فى يوم وليلة، لكنه محتاج لجهد من علماء مستنيرين، وكأنه يعيد تصحيح مسار دعوته بعد أن أدرك الكارثة التى تقول بأن الدين نفسه لا يحظى بكثير من المخلصين حوله، بل يدور من حوله مجموعة أكبر من المنتفعين، والمستغلين، وأصحاب الهوى والغرض، والغرض كما تعلمون مرض، وكل مرض وله دواء، ودواء الغرض أن تغلق الأبواب فى وجه أصحابه، وتمنح مساحات البراح للمخلصين.. المخلصين فقط.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة