جمال أسعد

فتنة الحجاب

الثلاثاء، 21 أبريل 2015 11:46 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الإيمان ما وقر فى القلب وصدقه العمل. والإيمان بدون أعمال إيمان ميت. أى أن الإيمان هو علاقة خاصة بين الله وبين والإنسان لا يعرفها أحد ولا يملك أن يتدخل فيها أحد غير الإنسان نفسه والله العليم والعالم فاحص القلوب. ولأن الإيمان هو قرار خاص وقناعة ذاتية واختيار شخصى لا يستطيع أحد منحه لمن لا يريد ولا يملك أياً من كان أن ينتزعه مِن مَن يتمسك بإيمانه حتى ولو ضحى بالحياة ذاتها. ولذا كانت الحكمة الإلهية متسقه مع هذا الاختيار وتلك الحرية فكان «من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر». والإيمان الحقيقى الواقر فى القلب غير مظاهر التدين الشكلى التى لا علاقة لها بالمضمون وبما تضمره الذات. ولذا فعندما تصاب المجتمعات لأسباب كثيرة ومتعددة بإشكالية البحث والتنقيب والمحاسبة والتفتيش عن الإيمان لدى البشر تصاب المجتمعات بهذا التدين الشكلى فنرى التمسك بمظاهر التدين الشكلى تسيطر على مضمون الإيمان الحقيقى وتتحول العلاقة بين الإنسان وبين الله وهى علاقة خاصة جداً إلى علاقة ظاهرية بين الإنسان وبين من ينصبون أنفسهم أوصياء على الدين. وما يثار هذه الأيام عن مليونية خلع الحجاب فنحن هنا لا نناقش الجانب الدينى للحجاب إذا كان عادة أم عبادة. فهذا ليس اختصاصنا فى الوقت الذى نحترم فيه حرية الاختيار لمن يلبس الحجاب من منطلق دينى أو على أرضية اجتماعية أو تاريخية. ولكن هنا نناقش هذه القضية من زاوية الواقع الدينى والسياسى والاجتماعى وما سينتج عن هذه الدعوة. فمن يدعو لمثل هذا لأبد أن يدرس ويوصف الواقع المعاش جيداً حتى يدرك الأمور ويتدارك النتائج. فدعوة خلع الحجاب أوائل القرن العشرين كانت بنت ظروفها ونبت مناخها السياسى والدينى والاجتماعى. فقد مهد لهذه الدعوة قيادات متنوعة خلقت مناخاً جديداً أعد الأرض لبذر هذه البذور التى أثمرت بعد وقت ليس بالقليل عن طريق التراكم فالتغيرات الاجتماعية والسياسية أو حتى الفكر الدينى عند تجديده يحتاج لوقت تراكمى ولا يتم التغيير بين لحظة وأخرى. فهل المناخ الحالى والظروف السياسية والاستقطاب الحاد والمشاكل المتراكمة والتحديات التى يواجهها الوطن تجعل أحدا يفكر فى مثل هذه القضية وبتلك الطريقة؟ وإذا كانت الحجة هى الحرية فهل الحرية فى خلع الحجاب فقط ولا حرية لمن يرتدى هذا الحجاب؟ وهل وصف الكثيرات من المحجبات بأوصاف لا تليق لا يؤثر هذا على من يلبس الحجاب قناعة وإيمانا؟ نعم الحجاب انتشر فى سبعينيات القرن الماضى تحت دعاوى دينية. نعم لا يمكن ولا يجب وصف السافرات بأوصاف لا تليق أو نعتهم بعدم الإيمان. ولكن هل الظروف المرتبكة الآن تسمح بذلك؟ فنرى صراعاً حول الدين وبأسمه فهناك موقعة حرق الكتب ولم تنته معركة إسلام والأزهر فالحوار اختفى ومواجهة الفكر بالفكر لا وجود لها ولم يبق غير التلاسن والمعارك الصفرية فمن يتمسك بالتراث كله بلا تحليل ومن يرفض التراث كله بتعنت منقطع النظير. فإذا كان هناك فريق يعتبر الحجاب فريضة فهل من اللائق الآن وعلى ضوء الواقع ندعو لخلع الحجاب وكأننا نبرر فكرة محاربة الإسلام؟ ولماذا نسكب مزيداً من الزيت على نار الفتنة التى نوجدها بأيدينا ولصالح من لا يريد لنا جميعاً الخير؟. الخطاب الدينى الصحيح الذى يتمسك بالمقاصد العليا وبقيم الإسلام هو الطريق الصحيح للاختيار السليم وللحرية الحقيقية لمن يتحجب أو لمن يرفض. حفظ الله مصر.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة