أكرم القصاص

الأبنودى.. وخصومه المحبطون

الخميس، 23 أبريل 2015 07:02 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان عبدالرحمن الأبنودى شاعرًا واسع الطيف، بدا مع الوقت مؤسسة.. وهى صيغة لا يصل إليها إلا قليلون، وهى حالة يدخل فيها الكثير من التفاصيل والقدرات والمصادفات، لكن الشرط الأساسى أن يكون مبدعًا، فهناك بعض الطبل الأجوف ينتهى كالرسم على الماء، ومن هذه الزاوية كان الأبنودى يغرف من بحر الشعر.

فيما يخص المواقف من السلطة وحولها كان هناك من يتفق ويختلف معه وحوله، لكنه تمسك دائمًا بإبداعه، وبدا يشبه نجيب محفوظ.. الخلاف والاختلاف شىء، فما يبقى هو دواوين أو روايات، نجيب محفوظ لم يحارب أحدًا، ومع هذا كان هناك من ينتقده، خالطًا بين مواقف يؤخذ منها ويرد، ومشروع إبداعى متعدد الأوجه.. نجيب محفوظ كان مشروعًا أدبيًا وإبداعيًا واسع الطيف، قدم تأريخًا أدبيًا واجتماعيًا لمصر، والأبنودى وجاهين ونجم وفؤاد حداد كل منهم كان مؤسسة فى طريقه.

كانت هناك مساحات من الدفء والبرود بين الأبنودى ومجايليه، المبدع منهم سار فى طريقه، معترفًا بكون الأبنودى شاعر كبير معجون بالشعر يغرف من بحر، مع الاحتفاظ بمساحة خلاف، لكن كان هناك نوع من أنصاف أو أرباع يسعون لنفى الأبنودى، وبعضهم يسعى لتصوير الأمر كأن الأبنودى لاهم له سوى التآمر عليهم ومنع إبداعاتهم التى لم يرها أحد. ولو كان تفرغ للرد عليهم أو التخطيط للإيقاع بهم ما أنتج واحدًا على مليون مما قدم، وهذا النمط من هوام الإحباط لم ينجزوا مشروعًا، ولم يقدموا إبداعًا لأنهم تفرغوا لمهاجمة غيرهم وإلقاء الطوب، وهم أقرب لمسمار فى حائط، يمزع ملابس وبشرًا إذا أراد الواحد منهم مدح مبدع عليه أن يسب آخر، وغالبًا ما يعيشون ويغرقون فى نميمة الموت الأدبى.

أتذكر منذ سنوات كان أحدهم يظن نفسه شاعرًا، ومع أنه كان يكتب كلامًا بلا رأس أو ذيل، ويعتقد أنه سيكون مبدعًا بمهاجمة الشعراء، فكان يرى المتنبى شاعرًا عاديًا، ومحمود درويش كذلك، وطبعا الأبنودى ونجم وجاهين. لم يكن يعجبه شىء، وكان يكتب كلامًا أقرب لغناء «الصراصير فى موالد السلاحف»، وإذا سألته عمن يفضلهم من الشعر والأدب، ينتقى كتابات صعبة الهضم والشكل، ويؤكد أن أمثالنا لا يفهمون لأنهم يتناولون أدبًا مفهومًا، ومثل هؤلاء موجودون فى كل زمان.. مبدعون فى الإحباط و«تمزيع» غيرهم.

الأبنودى وصل للناس، وله الكثير مما يبقى فى الذاكرة، وهناك من جيله ومن أجيال تالية من بقى يهاجمه وينتقده ويحسده من دون أن يقدم «أمارة»، بينما لدى الأبنودى الكثير من الشعر والإبداع والأغانى.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة