فى مثل هذه الأيام تحل الذكرى المائة لواحدة من أبشع الجرائم ضد الإنسانية فى تاريخ البشرية، وأعنى جريمة العثمانيين القتلة ضد شعب أرمينيا، والتى راح ضحيتها أكثر من مليون ونصف المليون من النساء والأطفال والشيوخ، تم إعدامهم بشكل جماعى بالرصاص، أو تعليقهم على أعواد المشانق، أو دفعهم إلى الهجرة الجماعية عبر الصحراء دون ماء أو طعام، الأمر الذى أدى لوفاة غالبيتهم.
وكانت مصر من الدول التى فتحت أبوابها لأبناء الشعب الأرمينى، ووفرت لهم ملاذًا آمنًا وحياة كريمة، وسرعان ما اندمج الأرمن الهاربون فى المجتمع المصرى، خصوصًا فى القاهرة والإسكندرية، وبرع منهم كثيرون فى التجارة والأعمال اليدوية والفنون المختلفة، وظهر منهم نجوم ساطعة فى السينما والمسرح والصحافة، لكن الغريب أن مصر التى احتضنت الأرمن الناجين من المذابح لم تعترف حتى الآن بجريمة الأتراك العثمانيين، ومسؤوليتهم التاريخية عن إبادة الأرمن.
السؤال الآن: لماذا لم تعترف مصر بمسؤولية تركيا العثمانية عن مذابح الأرمن؟ وهل هناك أفضل من الذكرى المائة للمذابح حتى تنضم مصر للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة و20 دولة أخرى اعترفت بجرائم العثمانيين بحق الأرمن، وما يترتب على ذلك من مسؤوليات وتعويضات؟ لماذا هذا التكاسل عن حصار تركيا المعتدية الظالمة، فى الوقت الذى توفر فيه تركيا سلاحًا لضربنا وإيذائنا، ودعم كل من يعادينا فى الداخل والخارج.
أليست تركيا أردوغان هى التى تحتضن الإرهابيين الإخوان، وتمنحهم الملاذ الآمن والمال لنشر أكاذيبهم فى الفضائيات المملوكة لهم؟ أليست تركيا هى إحدى الدول الضالعة فى الأعمال الإرهابية على مصر عبر توفير المعلومات والسلاح للإرهابيين عبر أنفاق غزة؟ أليست تركيا أردوغان هى الدولة الأكثر تطاولًا على مصر ورئيسها فى جميع المحافل الدولية؟ لماذا إذن لا ننتهز الفرصة ونرد لها ضربة موجعة بالاعتراف بعمليات الإبادة الجماعية ضد الأرمن؟ ولماذا لا نسمح للجالية الأرمينية بإنشاء نصب تذكارى لضحاياهم فى مصر؟
الغريب أن هيئة الاستعلامات الموقرة، والدوائر المعنية بالمعلومات والإعلام لم تتحرك حتى لتشكيل أى ضغط على تركيا بتغطية احتفالات الذكرى المائة للمذابح، وكأننا ننحاز إلى صف العثمانيين القتلة أو إلى العدو أردوغان على حساب مصالحنا العليا.. أمر غير مفهوم تمامًا وغير مبرر، ولا يمكن تفسيره إلا بأننا نفتقد العقول التى تستطيع إدارة معاركنا الخارجية بكفاءة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة