دندراوى الهوارى

أحلامنا «أوروبية».. وواقعنا «صومالى»

السبت، 25 أبريل 2015 12:06 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المصريون عاشوا أحلاما، ولدت بعد 25 يناير 2011، بأن بلدهم ستتحول إلى واحة من الرخاء، وبنوا آمالا وردية فى توزيع عادل للثروات، ولكن الواقع كان مغايرا، واستيقظوا على كابوس، مافيا الدين، يسرقون كل أحلامهم وبددوا آمالهم، وتركوا لهم الفوضى الأمنية والأخلاقية، والكآبة والخوف، والجوع، والدموع، وزرع الأرض بالمتفجرات بديلا عن بذور الخير.

ثم جددت ثورة 30 يونيو، الأحلام الوردية فى نشر الرخاء والأمن والاستقرار، وعودة دولة المؤسسات، لتؤدى دورها بقوة، ولكن تبين أنها مجرد أحلام «أوروبية» وأن الواقع «صومالى» من انفلات أخلاقى وأمنى، وزيادة معدلات نزيف دماء الأبرياء من رجال الجيش والشرطة، والمدنيين.

الحقيقة، أن منظومة الأمن فى مصر تحتاج إلى ثورة تطوير ونهضة حقيقية، لمواكبة تطور الجريمة بكل أنواعها، بعد أن ثبت بالدليل أن الأداء الحالى سيئا، ويسير عكس اتجاه المنطق، وأن هناك ترهلا مرعبا، وإهمالا مريعا يسكن الكمائن الأمنية للدرجة التى يتكرر فيها الهجوم على كمين «الريسة» الذى يقع عند مدخل العريش الشرقى المؤدى إلى رفح، قرابة 46 مرة، وهو رقم مذهل، وغريب لا يحدث فى بلاد الواق واق، وتكرار الهجوم على قسم العريش 11 مرة، وفى المرة الأخيرة تم تدميره تماماً، ولم يفطن رجال الأمن لاتخاذ التدابير اللازمة لمنع تكرار مثل هذا الهجوم.

من هذا السرد لهذه الوقائع، من بين مئات الوقائع المماثلة، يتضح أن الأمن مازال يتبنى نهج التحرك بعد وقوع الجريمة، ولا يتحرك مبكرا لمنع وقوع الجريمة، رغم توافر المعلومات الكاملة.

نعم، أقولها وبكل قوة، وبالأدلة، والوقائع، والأرقام، الداخلية لا تتحرك إلا بعد وقوع الكوارث، لتبكى على أشلاء جثث الأبرياء، وأطلال مبانى المنشآت العامة.

ولا يختلف الأمن فى محافظة شمال سيناء عن مثيله فى قنا، أو الشرقية والإسماعيلية، يتقدم المواطنون بمعلومات للأمن بأن هناك مجازر ستقع، وبدلا من تحركهم والتعامل معها باهتمام كبير يلقون بها فى سلة القمامة، ثم تقع الكارثة، وتسيل الدماء، وتخرج القيادات الأمنية، تلطم الخدود، وتصرخ، وتهدد وتتوعد، بملاحقة الجناة، وتقف أنت تطرح السؤال الرفيع أو الغليظ، زى ما تحب، لماذا لم تتحرك القيادات الأمنية وتعاملت مع المعلومات قبل وقوع الكارثة؟

وستصاب بالألم والإحباط الشديدين من غياب الإجابة الشافية، وتستشعر أن الأمن بعيد عن العمل المؤسسى، وأن الأمر يدار بشكل فردى، وأنت وحظك، لو كان هناك مدير أمن قوى مثل حسن السوهاجى عندما كان مديرا لأمن قنا، فإن المواطنين سيشعرون بالأمن والأمان، واختفاء السلاح، وعندما رحل الرجل، وجاء مديرا جديدا، عادت القلاقل، وظهر السلاح بكل أنواعه، وطفت على السطح عودة قضايا الثأر بقوة، لأن الرجل، لا يتحرك لإعادة الأمن قانونيا، ويكتفى فقط، بالتحرك بعد وقوع الكوارث.

ومع تقديرى للواء مجدى عبدالغفار وزير الداخلية الجديد، وجهده وكفاءته المهنية، إلا أنه، جانبه الصواب فى قرار تعيين مدير أمن قنا الحالى، خلفا للواء حسن السوهاجى، لأن كل مقومات الرجل أنه عمل فى هذه المحافظة فترة طويلة، وهو عيب كبير، وليس ميزة، لأن الخارجين عن القانون يعرفون ويحفظون عن ظهر قلب، أفكاره وخططه ومعالجاته الأمنية، القائمة على عدم التحرك لمنع وقوع الجريمة مهما كانت المعلومات غزيرة وقوية، وإنما يتحرك فقط عقب وقوع الكارثة، لذلك الخارجون عن القانون يتعاملون معه تأسيسا على هذه العقيدة.

البسطاء فى قنا لا يثقون فى القيادة الأمنية الجديدة، ويعرفونه عن كثب لأنه تولى مسؤولية معظم المراكز الشرطية بالمحافظة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة