على مقهى «سهارى» يبدأ «المواطن المصرى الغلبان، وكيل الوزارة على المعاش»، جلسته بقراءة الجرائد، وعندما يفتح الجريدة ليبدأ القراءة يجد نفسه وجهًا لوجه أمام مقال كتبه السلفى نادر بكار، ولأنه ليس من كتابه المفضلين فقد ترك المواطن المصرى الغلبان مقال «نادر» ليقرأ مقال فهمى هويدى، فوجده يبرر بخبث شديد عمليات الإرهاب داخل المدن بأن «التفاوت الشديد فى مستوى الأداء بين عمليات بالغة التعقيد وشديدة الإحكام والكفاءة تمارس فى سيناء مثلًا، وبين قنابل بدائية ومخططات ساذجة تنفذ فى القاهرة والمحافظات الأخرى»، متناسيًا أن الشجرة الضخمة تكمن فى البذرة المتناهية الصغر، وأن الفرق بين «قنابل بدائية ومخططات ساذجة تنفذ فى القاهرة والمحافظات الأخرى»، وبين «عمليات بالغة التعقيد وشديدة الإحكام والكفاءة تمارس فى سيناء» هو الفرق فى مستوى التدريب الذى سوف يصل إليه الجميع من «شديدة الإحكام والكفاءة» التى لا يخفى فهمى هويدى إعجابه الخفى بها، وتعاطفه- الخفى أيضًا- مع عمليات القنابل البدائية.
هنا لا يجد «المواطن المصرى الغلبان الذى على المعاش» نفسه وبشكل تلقائى التوجه فورًا لقراءة مقال الناقد الكروى حسن المستكاوى الذى أنصف فيه مدرب الأهلى الإسبانى «جاريدو» بعد مباراة المغرب التطوانى، حيث كان المعلقون قبل المباراة قد اتفقوا جميعهم على أن تشكيل فريق الأهلى الذى وضعه «جاريدو» سوف يؤدى إلى أن يظل فريق الأهلى مضغوطًا طوال المباراة، لأنه لا يلعب برأس حربة بعد استبعاده عماد متعب من المباراة، فإذا بفريق الأهلى هو الذى يضغط الفريق المغربى طوال المباراة، وكاد أن يحرز الأهداف، بل إن الحكم ألغى هدفًا صحيحًا للأهلى، على عكس ما فعله الحكم فى مباراة الزمالك وفريق مغربى أيضًا، ولم يحتسب له الحكم ضربة جزاء، وأنقذ الزمالك من هزيمة محققة.. ظل فريق الأهلى متفوقًا على الفريق المغربى طوال المباراة بفضل الخطة وتاكتيك «جاريدو»، لكن كان للحظ رأى آخر فى آخر دقيقتين، يقول «المستكاوى»: قلب هدف محسن ياجور الطاولة على رأس «جاريدو» والأهلى. وكانت نفس الطاولة تشيد بالفريق، وترى كل حسناته حتى لو كانت فيها سيئة، إلا أن 30 ثانية فقط غيرت الآراء لمجرد أن المغرب التطوانى سجل هدفًا من كرة ثابتة لعبها ببراعة «ياجور»، لكنه لم يعد مقبولاً أبدًا ربط تقييم مستوى أداء فريق بالنتيجة فقط!، صحيح «ابن الوز عوام» ومحترم، وحسن المستكاوى هو حامل الجينات الثقافية والفكرية والرياضية عن أبيه الأديب الراحل والناقد الكروى الشهير نجيب المستكاوى الذى سمعت بنفسى من نبى الرواية العربية، نجيب محفوظ، يقول عنه: «نجيب المستكاوى كاتب قصة قصيرة مبدع فى مقاله النقدى الرياضى، وأنا حريص على قراءة مقاله النقدى دائمًا، وأعتبره قصة قصيرة تنتهى بأرقام يعطيها للاعبين وهو بالتالى جعل الأرقام الحسابية جزءًا من القصة القصيرة».
ويقول «المواطن المصرى الغلبان وكيل الوزارة على المعاش» وهو جالس على مقهى «سهارى» يدخن الشيشة ويشرب «زبادى فى الخلاط» إن الناقد الكروى حسن المستكاوى يكتب أيضًا القصة القصيرة، لكنه طور كتابة «المقال الكروى/القصة» إلى القصة القصيرة جدًا التى تختزل اللغة من اللغو والإسهاب غير المفيد فى حرفية عالية، تعكس فهمًا ليس فى فنون كرة القدم فقط، بل فى الفكر والثقافة أيضًا، وهو على الأقل يرحمنا من مقالات فهمى هويدى، فاللهم اجعلنا من محاسيب المستكاوية.. اللهم آمين.