فى كل يوم يمر علينا عشرات، بل مئات الأخبار، كل خير يحمل «طاقة ما» بعض الأخبار يحبطك، البعض الآخر «يغضبك» البعض الآخر «يحزنك» ونادرا ما نجد خبرا «سعيدا» حتى أن المثل الإنجليزى أكد أن الخبر السعيد هو ألا يكون هناك أخبار أصلا «no news is good news» وترجمتها الحرفية هى «مادام لا يوجد أخبار جديدة فهذا خبر سعيد» إذ تضعنا الأخبار المتتالية دائما فى توتر دائم وضغط عصبى مستمر، أما الأخبار التى تمنحك «طاقة إيجابية» فهى من النوعية النادرة، ومن هنا كانت سعادتى كبيرة بخبر تكريم اللواء أبو بكر عبدالكريم مساعد وزير الداخلية لقطاع الإعلام لسائق تاكسى قام بعمل بطولى «لوجه الله» فحفظ عرض امرأة وأحبط آمال مجرم وصان كرامة وطن، فمثل هذه الأخبار المبهجة كفيلة بأن تغير المزاج العام الذى أصبح كئيبا إلى حد كبير، كما أنها تؤكد على رسوخ قيم «الجدعنة، والشهامة، والنخوة» فى المجتمع المصرى، وهى القيم التى طالما تجاهلنا تقديرها فكادت أن تختفى.
القصة كما رواها السائق «البطل» رمضان عبدالعاطى محمد للزميلين إبراهيم أحمد وأحمد مرعى تقول إنه «أثناء تواجد السائق بورشة ميكانيكا لإصلاح سيارته وبصحبته أحد أصدقائه فوجئ بعدد من أهالى المنطقة يطاردون سيارة نصف نقل، بينما تصرخ عدد من السيدات وتستغيث مرددين أن سائق السيارة الهارب خطف جارتهم، وبعد مطاردة مثيرة وصل المتهم إلى طريق كمين شرطة وهو ما دفعه لتغيير طريقه حتى لا يتم القبض عليه، فضغط على الفرامل محاولا صدم مقدمة السيارة التاكسى بخلفية سيارته، وبالفعل اصطدم التاكسى بالسيارة نصف النقل الخاصة بالمتهم، ما أسفر عن انقلابه واصطدامه بكشك كهرباء واشتعال النيران فيها وتهشم مقدمته.
بعد انتهاء المطاردة والقبض على المتهم وجد «رمضان» نفسه فى موقف لا يحسد عليه، فقد تهشم التاكسى الذى ينفق من خلاله على أسرته، وكاد هو أن يدخل السجن بعد أن حاول المتهم اتهامه زورا بالاعتداء عليه، ووسط كل هذه المتاعب فوجئ «رمضان» بأن اللواء أبو بكر عبدالكريم يزف إليه خبر تكريم الوزارة له، وتكفلها بإصلاح سيارته، بعد أن ظن أن «ما ينوب المخلص إلا تقطيع هدومه»
من وجهة نظرى فإن هذه الواقعة بتفاصيلها جديرة بأن توضع تحت المنظار المكبر لفترة طويلة، فهذا بالضبط ما نحتاجه فى الفترة المقبلة، نحتاج إلى تدعيم القيم الإيجابية، ونحتاج إلى إعادة إحياء الشخصية المصرية الوفية المخلصة، ونحتاج إلى حكومة واعية تقوم بدورها سواء فى التدعيم أو فى التقويم، ونحتاج إلى أن نشيع قيم التضحية والفداء والإخلاص لأن المصريين هم ثروة مصر الحقيقية ولا شىء غيرهم.