مع بداية زيارته لقبرص أمس وضع الرئيس عبدالفتاح السيسى باقة زهور على قبر الزعيم القبرصى الراحل الأنبا مكاريوس الثالث، أشهر رئيس قبرصى عرفه المصريون والعرب منذ الستينيات وحتى وقت قريب. لفتة الرئيس السيسى بوضع الزهور على قبر مكاريوس تحمل فى معانيها الكثير، فهى فى ظاهرها تعنى التقدير والاحترام للدور الذى لعبه الرئيس القبرصى الراحل لدعم القضايا العربية وانحيازه للمواقف المصرية فى الاستقلال وعدم الانحياز، وإعلانه رفض العدوان الإسرائيلى على مصر فى يونيو 67، وفى جوانب أخرى فإن باقة الزهور تعنى أن مصر تعيد من جديد بوصلة علاقاتها الدولية فى كل الاتجاهات فى الاتجاه الصحيح، مع دول يجمعها مع مصر تاريخ قديم من التعاون المشترك والعلاقات الإنسانية والحضارية التى تعود إلى ما قبل الميلاد.
تميزت العلاقات المصرية القبرصية بخصوصية شديدة، وتمتد إلى عهد الرئيسين الراحلين جمال عبدالناصر ومكاريوس، فمصر كانت من أوائل الدول التى سارعت بالاعتراف بجمهورية قبرص فور استقلالها، وتبادلت العلاقات الدبلوماسية معها عام 1960، وكان مكاريوس أكبر دعاة الوحدة مع اليونان خلال الاحتلال البريطانى لجزيرة قبرص، وأول رئيس لقبرص المستقلة منذ عام 1955 وحتى وفاته عام 1977. دعوته للوحدة مع الوطن الأم أثارت غضب بريطانيا، فقامت بنفيه إلى جزر «السيشل» عام 56 قبل عودته ليصبح أول رئيس لقبرص عقب الاستقلال.
أول زيارة له كانت لمصر عام 61 واستقبله الرئيس عبدالناصر استقبالا يعكس وحدة الرؤى السياسية بين الرجلين، فقد أعلن مكاريوس تأييده لسياسة عدم الانحياز، وشارك فى مؤتمرات الحركة حتى قبل وفاته، ودعمته عدم الانحياز ضد تقسيم الجزيرة وإقامة قواعد عسكرية لحلف الأطلنطى فوق أراضيها. توفى مكاريوس عام 77 وبعدها بعام واحد ساءت العلاقات المصرية القبرصية بعد «عملية لارناكا»، وتدخل القوات الخاصة المصرية فى محاولة لتحرير رهائن عملية خطف بعد قيام إرهابيين بقتل الأديب يوسف السباعى وزير الثقافة فى عهد الرئيس السادات.
الرئيس السيسى الآن يعيد «بوصلة العلاقات» السياسية والاقتصادية والثقافية إلى الوجهة الصحيحة، فثالوث مصر وقبرص واليونان يمثل أهمية سياسية واقتصادية فى منطقة البحر المتوسط والصراع الدائر إقليميا ودوليا على أكبر منطقة آبار للغاز فى العالم، فهو «كنز» من الغاز الطبيعى يجعل مصر فى مقدمة الدول المصدرة للغاز الطبيعى على مستوى العالم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة