أيادى التدمير، وعقول الخراب مازالت تسكن الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية، وهناك حالة تواطؤ وصمت على هؤلاء المخربين لأماكن الإبداع والإشعاع الثقافى التى كانت منارات للتنوير والتثقيف فى مصر فى زمن سابق. وأتحدث هنا عن قصور الثقافة التى تحولت من بيوت للمسرح والرسم والشعر وكل أنواع الفنون إلى «خرابات» بكل معنى الكلمة، وأصبحت فى حالة محزنة ومخزية، وإدانة واضحة للقائمين على النشاط الثقافى فى مصر، وفى مقدمتهم معالى الوزير الدكتور عبدالواحد النبوى.
زرت أحد هذه القصور فى مسقط رأسى، مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ، بدعوة من الفنان الجميل الصديق علاء مرسى، أحد أبناء فرقة دسوق المسرحية فى الثمانينيات، والذى قرر إعادة إحياء الفرقة من جديد، وتقديم عرض مسرحى احتفالى الشهر الجارى بأقل الإمكانات، وميزانية وزارة الثقافة المتواضعة للغاية.. ما رأيته فى خارج قصر ثقافة دسوق وداخله يجعل وصفه بـ«الخرابة» وصفًا مؤدبًا ومهذبًا، رغم أن المبنى الجديد تم بناؤه عام 2006، لكن عوامل الفساد والإهمال أدت إلى إغلاقه بحجة إعادة تطويره وترميمه بعد ذلك بثلاث سنوات، ومع قيام ثورة يناير 2011 توقف العمل داخل القصر تمامًا، وقام المقاول بتجريف وهدم كل شىء بداخله، ولم يبق فيه حجر سليم، وتوقف النشاط تمامًا، وامتدت يد الإهمال والعبث إلى محتويات القصر.
وفى مارس 2014 أصدر الدكتور محمد صابر عرب، وزير الثقافة آنذاك، قرارًا بتحويل الأمر للنيابة بعد أن ضاعت على الدولة أموال طائلة، وأغلقت أبواب «الخرابة» المعروفة باسم قصر ثقافة دسوق إلى حين الفصل فى القضية، قضية الإهمال والفساد داخل قصر ثقافة دسوق أثارها الفنان علاء مرسى بقرار عودته لإقامة عرض مسرحى، وإصراره على إجراء البروفات داخل القصر حتى لو كان «خرابة» فعلية، ودفعنى إلى الكتابة هنا، وبعدها تحرك مشكورًا الدكتور سيد خطاب، رئيس هيئة قصور الثقافة الذى أقاله الوزير السابق الدكتور جابر عصفور، وحصل على موافقة من الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بإعادة ترميم القصر مرة أخرى.
الوضع ما زال مأساويًا داخل القصر، وأدعو الدكتور عبدالواحد النبوى لزيارته، ليرى بنفسه حجم المأساة المسماه «قصر ثقافة دسوق».