قبل 9 شهور دار حوار بينى والدكتور ناجح إبراهيم عن 24 عاما قضاها خلف قضبان السجون فى تجربة هى الأطول فى تاريخ الجماعة الإسلامية بعد تجربتى عبود وطارق الزمر، وكان الحوار الأساسى عن مفهوم «الإسلام» فى عقل ناجح إبراهيم الذى دخل السجن على خلفية قضية قتل السادات، وخرج منه بعد مراجعات فقهية فكرية، وكانت الاجابة: «أدركت أن إسلامى لا يساوى شيئا مثل إسلام أمى، أدركت أن إسلام العواجيز أقرب إلى الله من أى إسلام دعونا له وجاهدنا من خلاله لسنوات طويلة».
سألته: وماذا تقصد بإسلام العواجيز؟ فرد: «إسلام الفطرة»، هو الإسلام الذى يدفع المؤمن يقينا إلى الاستيقاظ فى جوف الليل لأداء صلاة الفجر أو التحرك نحو نصرة المظلوم وإخراج الزكاة للفقراء، فقط لأنه يدرك أن ذلك تقرب إلى المولى عز وجل، وبعيدا عن أى تشدد أو تمسك بأحكام أثير بشأنها جدل فقهى.
قصة إسلام الفطرة التى يتحدث عنها الدكتور ناجح تحسم نهاية تجربة إسلامية طويلة، وترسم لنا طريق المستقبل بأن الإسلام دين يسر، لا دين تشدد أو تشكك، وإنه إن كانت هناك خطوة لتصحيح مفاهيم الدين وحاجة للتنقيب فى التراث، وهى قضية حق فيجب أن يكون طريقنا لها صحيح، وبالإسقاط على ما سعى إليه «إسلام بحيرى» فهو يجادل فى القضية الحق بأسلوب باطل، فانتهى إلى تدمير الفكرة بالأساس، وخلق معركة جدلية عن الدين الإسلامى لا يتضرر منها إلا هؤلاء أصحاب «إسلام الفطرة» الذين يدعون إلى الله بالكلمة الطيبة لا بالسب فى السلف الصالح أو فى علماء خدموا الدين فى زمان غير زماننا، ولم يقرأوا كتابا فى حياتهم.
قد يكون إسلام البحيرى قرأ مئات الكتب، لكى يجادل أهل الأزهر الشريف فى التراث، ولكن إسلام بدعوته للدين الحق لم يكن أبدا مثل والدة الدكتور ناجح إبراهيم أو مثل أساتذتنا فى بلدتنا الصغيرة عبدالمطلب الشاملى وعبد الحكم الشاملى وإسماعيل رمضان الذين قضوا حياتهم فى تأدية فرائض الله على نهج «إسلام الفطرة» لا «إسلام البحيرى»، رغم أن بعضهم لم يقرأ كتبا بالأساس.
أظن أن قضيتنا الأساسية الفترة المقبلة ليست فقط تجديد الخطاب الدينى بقدر إعادة الثقة لأصحاب «إسلام الفطرة» الذين اهتز يقينهم الشهور الماضية من جراء ممارسات تيار الإسلام السياسى واستغلالهم الدين للوصول إلى كرسى الحكم ومن بعدها الفتاوى الضالة التى أصدروها ضد الجميع، وصولا للغاية الكبرى، هؤلاء هم معركتنا لأنهم حملة الدين الحقيقيون والمحافظون عليه.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة