هل يمكن أن تستمع جماعة الإخوان لمطلب راشد الغنوشى، رئيس حركة النهضة التونسية، بأن تحلل أخطاءها بعد فقدها للحكم؟
أبدى «الغنوشى» هذه النصيحة فى حوار أجراه على هامش تكريمه بجائزة ابن رشد للفكر الحر، ونشر على موقعه الإلكترونى يوم الجمعة الماضى، وبعيدا عن المقارنة بين الإخوان فى مصر والإخوان فى تونس، والسياق السياسى فى البلدين الذى نمت الحركتان فيه، فإن منطق الأشياء يقول إن الحركات السياسية التى تريد البقاء بصحة وعافية، تقدم من تلقاء نفسها على نقد نفسها ذاتيا بعد كل هزيمة سياسية تلحق بها، ونرى ذلك فى كل الدول الديمقراطية، وقد يؤدى هذا النقد إلى استقالة رئيس الحزب المهزوم، المهم أننا نرى أحزابا يتواصل نجاحها بسبب ثورات تصحيحها.
ونحن هنا فى مصر لا يحدث شىء مما يحدث فى الديمقراطيات الغربية، فالحزب المهزوم فى الانتخابات لا تعنيه الهزيمة، وبالتالى لا يناقش أسبابها، ولا يستقيل مسؤول منه، ونتج عن ذلك حياة حزبية وسياسية عقيمة لا تقدم جديدا فى شىء، وجماعة الإخوان ليست استثناء من ذلك، فهى لم تقدم يوما نقدا ذاتيا لتجربتها التاريخية منذ تأسيسها عام 1928، ولم تعترف مثلا بكوارثها فى مسألة العنف التى انتهجته منذ الأربعينيات من القرن الماضى، وأدى بها إلى اغتيالات لقيادات سياسية خصومها مثل، النقراشى باشا، رئيس الوزراء قبل ثورة 23 يوليو 1952، والمستشار أحمد الخازندار، وفشلها فى محاولة اغتيال جمال عبد الناصر فى ميدان المنشية بالإسكندرية عام 1954، ولم يقتصر الأمر على الاغتيالات وفقط، بل امتد إلى تفجيرات لمنشآت عامة كما يحدث الآن بعد ثورة 30 يونيو وعزل محمد مرسى.
التذكير بالممارسات التاريخية الإرهابية لـ«الجماعة»، ليس نوعا من الارتكان إلى الماضى كما قد يظن البعض، وإنما هو فى قلب الحاضر الذى نعيشه والمستقبل الذى يتحدث عنه «الغنوشى»، فمعنى أن ترتكب جماعة الإخوان كل هذه الجرائم فى الماضى، ولا تقدم اعتذارا عنها طوال تاريخها، فهذا يعنى أنها لا تراجع نفسها أبدا كنوع من الاستعلاء القائم على غرور القوة، وأغواها فى ذلك شعورها بأنها رقم واحد فى المعادلة السياسية طوال سنوات حكم مبارك.
بالقياس على الماضى يمكن القول إن مطلب الغنوشى لن تستمع إليه «الجماعة»، لسبب بسيط أنها لو أقدمت على هذا الفعل ستنسف نفسها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة