(افتح قلبك) مع د. هبة يس.. (لا تترك المريض يمرضك)

الأربعاء، 08 أبريل 2015 01:00 م
(افتح قلبك) مع د. هبة يس.. (لا تترك المريض يمرضك) د. هبه يس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أرسلت (...) إلى (افتح قلبك) تقول:


أنا سيدة قاربت على الأربعين، نشأت فى أسرة مفككة جدا، أب قاسٍ ومسيطر وعالى الصوت دائمًا، أم ضعيفة ومستكينة ولا تعرف شيئًا فى الدنيا غير الطبخ والغسل والتنظيف، و6 أشقاء غيرى أنا أصغرهم، وأقول أشقاء مجازا لأننا لم نكن يوما أشقاء، فكل منا فى وادى، ولم يجمعنا قط أى ود أو دفء، فقد كان جميعنا يهرب من البيت بطريقة ما حتى يجنب نفسه المشاكل والخناقات والفضائح أمام الجيران.

الفرق بينى وبين أخى الأكبر منى مباشرة 9 سنوات، مما زاد بعدى عن جميع إخوتى أكثر وأكثر، فجميعهم كانوا فى الكليات والمدارس، وأنا لا زلت أحبو، لهذا نشأت وحيدة جدا بالرغم من الزحام الذى يشهده منزلنا، لم يكن لى ونيس فى هذا البيت كله سوى أخى الأكبر، والذى ابتعد عنى تمامًا بعدما تخرج وسافر للعمل بالخارج.

أدركت منذ أن بدأت أعى أنه يجب على أن أعتمد على نفسى، وأن أصنع لنفسى كيانا حتى أستطيع العيش فى هذا المجتمع، فأنا بدون أهل أو عزوة أو حتى مال، فقد كانت أسرتنا متوسطة الحال، لهذا كنت متفوقة جدا فى دراستى، وكنت دائما من الأوائل بدون أى مساعدات لا من داخل البيت ولا من خارجه، بالإضافة إلى أن الله قد حبانى بشكل جميل، وقبول لدى الآخرين، فقد كنت دائما محط لأنظار الجميع سواء فى المدرسة أو فى الحى الذى نعيش فيه، وكنت أكون صداقات ومعارف سريعًا، مما عوضنى بعض الشىء عن الغربة الفظيعة التى كنت أحياها فى بيتنا... ومما أثار غيرة أختى الكبيرة بشدة، فقد كانت تغار منى بشكل لا يمكن أن تصدقيه بالرغم من أنها تكبرنى بحوالى 12 سنة!!.

أختى تلك هى مشكلة حياتى، فقد كانت تصب علىَّ كل غضبها من أبى وأمى والحياة، فقد كانت دائما تسبنى وتضربنى وأنا صغيرة، وتتعمد مضايقتى وتمزيق كتبى وملابسى عندما كبرت قليلا، حتى إنها لم تكن تتورع عن الإيقاع بينى وبين صديقاتى بتلفيق الأكاذيب المختلفة حتى تبعدهم عنى، فقد كانت هى عكسى فى كل شىء، أقل جمالا وقبولا وذكاء، مما جعلها تحاول الكيد بى والانتقام منى كلما سنحت لها الفرصة.

تزوجت أختى تلك وأنا فى المرحلة الإعدادية، ففرحت جدا لأنها تركت البيت وأصبح لها شأنها الذى يشغلها عنى، ولكن لسوء طباعها طلقت بعد أقل من سنة من زواجها، وعادت لبيتنا مرة أخرى، ولكن أسوأ وأشرس من الأول بكثير، فلك أن تتخيلى كم الغضب والإحباط الذى كانت تصبه على رأسى ليل نهار، لأنى كنت الصغيرة التى لا تستطيع أن تصد أو ترد، ولأنه لم يكن هناك فى البيت من أحتمى به منها، خاصة وأنها كانت سليطة اللسان وحادة الطباع، فقد كان كل من فى البيت يتجنبونها، ولا يحاولون الوقوف أمامها فى أى شىء.

بعد وفاة أبى زاد انفلات عيار أختى، وأصبحت تعاملنى وكأنى خادمتها، لا تنادينى إلا بالصراخ وبالسب واللعن، فلم يعد أمامها سواى أنا وأمى بعد أن تزوج من تزوج، وسافر من سافر من إخوتي، مما جعلنى أعد الأيام والليالى حتى أتزوج وأترك لها البيت بلا رجعة، وبالفعل حقق لى ربى هذه الأمنية وارتبطت عاطفيا بشاب ممتاز، كان يكبرنى فى الكلية بثلاث سنوات، لهذا فقد خطبنى سريعا بعد تخرجه، وكنت حينها مازلت أنا طالبة بعد، طبعا جن جنونها، وفقدت السيطرة على أعصابها تماما عندما تقدم لى عريسًا، وحاولت (تطفيشه) هو وأهله بكل طريقة ممكنة، لولا أن الله كان بجانبى، وسخر لى قلب هذا الرجل، فتمسك بى، واستطاع إقناع أهله بأن أختى مريضة نفسيا ولا بد من تجنبها.

تنفست الصعداء عندما تزوجت وتركت بيتنا، شعرت حينها أنى ولدت من جديد، وأنى أخيرا سأبدأ حياتى التى طالما تمنيتها، كنت سعيدة جدا بزوجى وببيتى الصغير، ولم يكن يعكر صفو حياتى وقتها سوى عدم الإنجاب، فقد كانت تمر السنة تلو الأخرى دون حدوث حمل، بالطبع عرضنا أنفسنا أنا وزوجى على أكثر من طبيب، وجميعهم كانوا يؤكدون أنه ليس لدينا أى موانع للحمل، فحاولنا الإنجاب عن طريق (التلقيح الصناعى) مرتين، وأيضًا لم يشأ الله أن ينجحا، ولم نستطع تكرار المحاولات فيما بعد نظرا للتكلفة العالية، فقررنا الاستسلام لقدرنا والصبر وانتظار الفرج، كان زوجى عطوفا ومتفهما، وكان خير معين لى فى هذه الفترة، وظل الحال على ما هو عليه حتى مرت 10 سنوات.

وفجأة انقلبت الدنيا فوق رأسى، تبدل زوجى 180 درجة، أصبح يتحدث فى موضوع الإنجاب هذا فى كل وقت وحين، بل أصبح يتهمنى بأنى أنا من حرمته من الأبوه، بالطبع كان هذا بوازع من أهله، وتحت ضغط و(زن) أمه، لكن الأمر كان مريبا جدا، فقد كان وكأنه ليس هو، وكأنه شخص آخر غير هذا الذى أحببته وعرفته وعاشرته طوال هذه السنوات العشر، وإذا به يطلقنى فى غضون شهر واحد من هذا التغير الحاد... وفقدت كل شىء.

عدت لبيت أمى مكسورة القلب والخاطر، متوجسة خيفة مما ينتظرنى من عذاب وويلات أختى التى لم تتوقف يوما عن كراهيتى والحقد علىَّ، ثم حدث شيئا لم أكن أتوقعه أبدا، فقد سمعتها ذات مرة وهى تتحدث فى التليفون وتقول (أنا كنت عارفه إنها هاتتطلق من قبلها بشهر)... تعجبت من هذه الجملة جدا، وفتحت فى عقلى أكثر من علامة استفهام، فمن أين لها بهذا الكلام؟... لا أخفيكى سرا ذهبت لأكثر من شيخ واكتشفت أن أختى العزيزة قد (عملت لى عمل) بعدم الإنجاب، وعملا آخر بالطلاق!!!... لم أصدق ما سمعت لولا أنى سمعته من أكثر من شخص، وكانت صدمة عمرى.

استأجرت شقة صغيرة وأعيش فيها بمفردى الآن، فلم أعد أطيق رؤيتها أو حتى سماع صوتها، ولكنى أغلى من شدة الغضب، لا أصدق أنها كانت وراء كل ماحدث، لم يكفيها أنها كانت مصدر عذابى فى الماضى، بل ودمرت لى أيضا الحاضر والمستقبل، لا أفكر فى شىء قدر تفكيرى فى الانتقام منها، لدرجة أنى فكرت جديا فى أن أسقيها من نفس الكأس وأن أعمل لها عملا أنا الأخرى، ولكنها ليس لديها ما تخسره، فهى شخصية تائهة ضائعة مكروهة من الأصل، فبماذا سأؤذيها أكثر من ذلك؟... أعتذر على الإطالة، وأعتذر أيضا على تطرف تفكيرى، ولكنى لا أعرف كيف أتصرف، وماذا أفعل مع هذا المصدر المزمن للشر فى حياتى والذى هو أختى؟... بماذا تنصحينى؟.

وإليكِ أقول:


كان الله فى عونك، قصتك غريبة وقاسية، وكأنها عمل درامى تراجيدى لا حقيقة، لهذا فأنا أتفهم حجم الغضب والضيق اللذين يعتملان فى صدرك، وأقدر ألمك وإحساسك بالظلم والخسارة، لكن اسمحى لى أن أراجعك فى رد الفعل الذى تفكرين فيه، ألا وهو الانتقام، فصدقينى ليس هذا هو الحل، فقد يشفى غليلك مؤقتا، لكنه سيورثك المزيد والمزيد من المشقة والألم فى الدنيا والآخرة.

صديقتى (لا تتركى المريض يمرضك)، فأختك مريضة ولا شك، سواء مريضة نفسيا، أو مريضة بأمراض القلوب من غل وحقد وحسد، لهذا فهى تتصرف بهذا الشكل، لأن كل إناء ينضح بما فيه، لكن هذا ليس مبررا أبدا لأن تصيبك بالعدوى وتمرضى أنت الأخرى، وتتصرفى مثلها، لأكثر من سبب:
أولا: لأن الله سمى نفسه (الديان)، أى أنه سيجازى كل شخص على كل فعل فعله، ليس هذا وفقط، بل وسيعامل كل أحد بما قام فى قلبه من ضغائن وأمراض وأحقاد، فلا تتصورى أن أختك سوف تنجو بأفعالها أبدا، حتى ولو نجت بها فى الدنيا، فالرب لا ينسى ولا يغفل ولا ينام.

ثانيا: لأنك لست هى، تخيلى معى لو أنك تعرضت لحادث سرقة، وقام أحدهم بخطف حقيبتك، هل سيكون من المنطقى أن تفعلى مثله، وتصبحى سارقة أنت الأخرى وتخطفى منه حقيبته؟... هو سارق، لكنك أنت لست كذلك، فكما لم تسمحى للسارق أن يجعلك أنت الأخرى سارقة، لا تسمحى لأختك بأن تجعلك إنسانة مريضة مثلها، مهما فعلت، فأفعالها أذى كما أن السرقة أذى، لكن هذا ليس مبررا لأن تقابليها بالمثل.

ثالثا: لأن ما تفكرى فيه حرام، ومن الكبائر، فهل تعتقدى أن صلاح حالك وزوال همك سيكون فى شئ كهذا؟، على العكس تماما، ستجدين شؤم هذا الفعل حتما فى حياتك، وستزداد الأمور تعقدا وسوءا بكل تأكيد، لأنه لا يمكن أن يبارك الله فى الحرام، ويجعل منه الخير والنفع.

رابعا: لأنك لم تتأكدى من صحة ما تعتقدينه، فحتى لو كنتِ سمعتيها تقول هذا الكلام، وحتى لو كان أكد لك البعض أنه بالفعل (معمول لك عمل)، فمن أين لك بصدق هؤلاء؟، وأين الدليل على أنها هى الفاعلة؟... ألا يوجد احتمال ولو ضئيل أن تكون هى بريئة من هذا، وأن ما سمعتيه كان مجرد صدفة؟.

ما حدث لك صعبا لا شك، لكنه قدرك وكان حتما سيحدث سواء بوجود أختك أو عدمه، وسواء بأعمال أو بدونها، فحتى ولو فرضنا أن ما حدث لك كان نتيجة سحر أو ما شابه، فأيضا (ليس لها من دون الله كاشفة)، فالحل ليس إلا باللجوء إلى الله بقوة، والدعاء له، والتضرع بين يديه ليكشف الغمة ويفرج الكرب... لا بالانتقام، ولا برد الأذى، ولا بأى وسيلة أخرى، وكفاكى ترديد (حسبى الله ونعم الوكيل) ليتولاكى ويرد عنك كيد الكائدين، ويريكى فيهم ما يثلج صدرك.

صديقتى ضعى كل همك الآن فى عملك، أو حتى اخلقى لنفسك مجال اهتمام جديد، حتى وإن كان عملا تطوعيا، جدى لنفسك منفذا تصرفى فيه طاقتك، وفكرك، وتشغلى به نفسك حتى يغير الله الأحوال، فلا أحد يدرى ما هى المكافأة التى ادخرها لك القدر بعد كل هذا العناء.

الصفحة الرسمية للدكتورة هبه يس على الـ"فيس بوك":

Dr. Heba Yassin










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 5

عدد الردود 0

بواسطة:

emy

إلي صاحبة الرسالة

عدد الردود 0

بواسطة:

توفيق

يا ساتر

معقول في بشر كده ؟ اللهم احفظنا

عدد الردود 0

بواسطة:

مسلمه

خلى جوزك يرجعك تانى

عدد الردود 0

بواسطة:

علي

نصيحة

عدد الردود 0

بواسطة:

اسراء

دار ابتلاء

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة