محمد حمادى يكتب: رياح الطائفية وتمزيق اليمن

الأربعاء، 08 أبريل 2015 06:14 م
محمد حمادى يكتب: رياح الطائفية وتمزيق اليمن  جماعة أنصار الله الحوثى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سمى الرومان اليمن باسم اليمن السعيد، بسبب أرضه الجبلية الخصبة وأمطارة الغزيرة، لكن هذا اللقب لا يبدو ملائمًا بالمرة فى الوقت الراهن.

ويعانى اليمن، الذى يعد أفقر بلد فى الشرق الأوسط، من نسبة بطالة مرتفعة للغاية وتناقص احتياطياته من المياه والنفط، كما يعد معقلا لأخطر فروع تنظيم القاعدة. ويتمزق اليمن الآن بفعل تصارع العديد من الأطراف.

وتقود المملكة السعودية غارات جوية على اليمن تحت اسم عاصفة الحزم، حيث تستهدف بصواريخ موجهة بدقة مواقع جماعة الحوثى المتمردة، التى نزلت من معقلها الجبلى فى أقصى شمالى البلاد، واجتاحت بلدة تلو الأخرى وأطاحت بالرئيس الشرعى عبد ربه منصور هادى، الذى تعترف به الأمم المتحدة.

وأزعجت هذه التطورات السعودية ودول الخليج الأخرى، خاصة لأنهم يرون أن إيران تقف وراء التقدم المذهل الذى حققه الحوثيون.
وإلا كيف، كما يقول السعوديون لى، يمكن أن تحصل مجموعة فقيرة من رجال القبائل على التدريب والسلاح والمال لتسيطر على نصف مساحة اليمن.

هناك بعد طائفى للمسألة أيضًا، فالحوثيون ينتمون لمذهب الشيعة الزيدية، الذين يشكلون نحو ثلث سكان اليمن. وينظر حكام السعودية بارتياب إلى الشيعة، الذين يعتبر الكثير منهم إيران زعيمًا روحيًا لهم.

أما السعودية فغالبية سكانها ينتمون للمذهب السنى، وبدأ السعوديون يرون أنهم محاطون بوكلاء لإيران من كل الاتجاهات: فى لبنان، سوريا، العراق والآن فى اليمن، وقالوا طفح الكيل، وفى قمة سرية فى السعودية الشهر الماضى دشنوا معًا تحالفًا من عشر دول، فى محاولة خليجية متأخرة وقد يكون محكوما عليها بالفشل، لإزاحة سيطرة الحوثيين على اليمن، وإعادة حليفهم الرئيس هادى إلى السلطة.

لكن فى الحقيقة فإن الحوثيين يدينون بنجاحهم العسكرى إلى شخص أقرب كثيرًا إلى اليمن. لقد شكلوا تحالفًا مصالحًا، أو اتفاقًا مع الشيطان، مع الشخص الذى سعى للقضاء عليهم منذ نحو خمس سنوات.

إنه على عبد الله صالح، الذى حكم اليمن الشمالى أولا ثم وحد اليمن، حتى أزيح عن السلطة ضمن ثورات الربيع العربى، بعد أن قضى فيها نحو 35 عامًا.

ورفض صالح الاقتناع بأن اليمن أفضل حالاً بدونه، ولذلك فقد شرع فى إفشال الانتقال السلمى للسلطة، الذى بذلت الدول الصديقة لليمن أقصى جهودها من أجل رسم ملامحه. وبقيت كافة وحدات الحرس الجمهورى موالية له، وحدثت الانفجارات، وجرى الاقتتال للسيطرة على البلدات.

الرئيس هادى الذى خلف صالح، وهو مسن ودود ينتمى إلى اليمن الجنوبى، ليس لديه خبرة بمكائد صالح. ولابد أنه يندم على اليوم الذى ترك فيه سلفه يبقى فى اليمن. كرئيس لليمن خاض صالح ستة حروب ضد الحوثيين، وانتهت آخرها بهدنة هشة. والآن يستخدمهم لتدمير من يراهم قد اغتصبوا سلطته.

الحوثيون مقاتلون أشداء ويتسمون بالشراسة، واعتادوا على شظف العيش فوق الجبال البركانية، التى تفصل بين اليمن والسعودية.
لكن الحوثيين وحلفاءهم لا يزالون يسيطرون على أغلب المناطق الهامة فى اليمن، على الرغم من مرور أكثر من أسبوع على بدء الغارات الجوية المعروفة بعاصفة الحزم. وإذا لم تفلح تلك الغارات فى إزاحة الحوثيين، فإن السعودية لا تستبعد إمكانية التدخل العسكرى البرى، لكن الجميع يعلمون أن ذلك يحمل مخاطر هائلة، بجر المملكة إلى مستنقع يحولها إلى جيش احتلال وفريسة للهجمات.

وخلافًا لذلك، فإن الحوثيين لديهم خصم أكثر خطورة، وهو تنظيم القاعدة الجهادى. والجهاديون هم سنة متعصبون، ويكرهون كل الشيعة بمن فيهم الحوثيون. فى اليمن تبدو القاعدة القوة الوحيدة القادرة على مواجهة الحوثيين على الأرض.

وانضم كثيرون إلى صفوف تنظيم القاعدة، بعد اقتحام سجن وهروب عشرات السجناء من مقاتلى التنظيم، وقريبًا سيحشدون القبائل السنية من أجل الانضمام لصفوفهم، وقتال الحوثيين القادمين من الشمال .

إن ما يحدث فى اليمن والمنطقة العربية من تقسيم وتفتيت وجره للفتنة الكبرى لهو خير شاهد على تحقيق الحلم الصهيو أمريكى بتقسيم المنطقة .








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة